بيان أن الشارع نهى عن الأغلوطات
وعن -رضي الله عنه- قال: معاوية جمع أغلوطة -بضم الهمزة وسكون الغين- وهي الكلام الذي يلقى به أحدا في الغلط، ويقال لها أيضا: المغالطات. إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الأغلوطات.
فإن كان قصدا لإظهار الفضيلة لنفسه، ونقص الغير وفضيحته وندمه، وباعثا على تهييج الفتن والشرور، موجبا للعداوة والإيذاء، فهو حرام.
وإن كان على طريق الجزاء والمكافأة، فهو جائز عند البعض؛ لقوله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها [الشورى:40] كما فعل الإمام -رحمه الله تعالى- مع الشافعي في مجلس أبي يوسف الهارون. والله أعلم. كذا في الترجمة.
وبالجملة: فكل كلام ومسألة يصدق عليها أنه أغلوطة أو مغالطة، فالحديث يشملها.
وفي الفقه والفلسفة من هذا الباب شيء كثير، بل عندي: أن علوم الأوائل كلها أغلوطات ومغالطات، منهي عنها في دين الإسلام.
وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد غضب على لأجل النظر في التوراة التي هي كتاب الله المنزل على نبيه المرسل موسى -عليه السلام- وقال: عمر فما ظنك بكتب جاءت عن «لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي» فلاطن وأرطاليس، وجالينوس، ونحوهم من كفار يونان، وأدخلها المسلمون في الدين، ومزجوها في الأصول والفروع، من زمن هارون الرشيد الخليفة العباسي إلى أن آل الأمر الآن إلى أن من لا يعرف هذه الأغلوطات، ولا يتقيد بتلك المغالطات، فهو ليس [ ص: 244 ] بعالم عندهم، وإن كان بلغ في علم الدين من القرآن والحديث مبلغا عظيما، وصار إماما من أئمة الإسلام، وشيخا كبيرا من شيوخ الإيمان؟!!