[ ص: 277 ] باب في
nindex.php?page=treesubj&link=28750_28328وجوب طاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- واتباع الكتاب والسنة، وذم الرأي وما يليه
قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة [النحل: 89]
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم [النحل: 44] فيه أن
nindex.php?page=treesubj&link=32233_32232_26502_19971_29568القرآن رحمة وهداية، وفيه تبيان كل شيء يحتاج إليه الناس من أحكام العبادة والمعاملة والعادة، والمواعظ والزواجر، والآداب، والقصص، والأمثال.
ويشهد لصحة هذه الدعوى، تفسير الكتاب العزيز، من سلف الأمة وأئمتها، وكل من أعطي فهما فيه، فقد رزق علما كثيرا يفتي به، ويقضي به في الناس.
وفيه الأمر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببيانه لهم، والأئمة أسوته في ذلك.
وهذا يدل على أن الله فرض عليهم اتباع ما نزل إليهم، وأنه سبحانه لم يجعل لهم إلا اتباعه واتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
nindex.php?page=treesubj&link=28328_18480فمن ترك القرآن والحديث فقد حرم من العلم، وبعد عن الرحمة، وخلي عن الهداية.
وقد قال سبحانه لرسوله -صلى الله عليه وسلم-:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [الشورى: 52].
وفيه أن الكتاب نور، وأن الحديث صراط مستقيم.
وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=43فاستمسك بالذي أوحي إليك [الزخرف: 43] وهذا نص في اتباع الكتاب، وقد ندب إليه رسوله، وأمره به، فما ظنك بغيره؟
[ ص: 278 ] وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم [المائدة: 49] والمراد به: كتاب الله، والمراد بالأهواء: آراء الرجال.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا وهذا ظاهر في أن
nindex.php?page=treesubj&link=34038دين الإسلام كامل لا نقص فيه، والكامل لا يحتاج إلى كمال.
فمن زعم أن الأمة تحتاج إلى رأي الرجال وتقليد المذاهب، فقد ظن أن الدين ناقص لا يتم إلا بضم ذلك إليه. وهذا إنكار لهذه الآية الناطقة بكماله وتمامه.
ثم من على الناس بما آتاهم من العلم، وأمرهم بالاقتصار عليه، وألا يقولوا غير ما علمهم، فقال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان [الشورى: 52] وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=23ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24إلا أن يشاء الله [الكهف: 23 ، 24]. وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36ولا تقف ما ليس لك به علم [الإسراء: 36]
الآيات فيها دلالات على أن الإيمان هو ما جاء في القرآن، وأن الاستثناء لا بد منه في فعل الشيء، وأنه لا ينبغي اتباع ما في غير الكتاب والسنة.
فإن العلم عبارة عما فيهما، وما سواهما فضل أو جهل. فكأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المعبر عن كتاب الله، الدال على معانيه.
وكأن أصحابه نقلوا ذلك عنه، فكانوا أعلم الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبما أراد الله من كتابه.
فعبروا عنها بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبلغوا سنته، وأدوا ما سمعوه، وهكذا حال من تبعهم بالإحسان إلى هذا الآن.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=36وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [الأحزاب: 36].
[ ص: 279 ] هذا صريح في أن
nindex.php?page=treesubj&link=28328مخالفة الكتاب والسنة في أمر من الأمور -عبادة كانت أو عقيدة أو معاملة- توجب الضلال البعيد.
ولا شك أن من علم في أمر أن حكم الله وحكم رسوله فيه كذا وكذا، ثم أفتى بما يخالف أمرهما تقليدا للمذهب، وتأييدا للمشرب، وتمسكا بالرأي، وأخذا بالهوى، فهو ضال بعيد الضلالة. وهذا الجنس كثير في أهل المذاهب والتقليدات، لا يأتي عليه حصر.
[ ص: 277 ] بَابٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28750_28328وُجُوبِ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَذَمِّ الرَّأْيِ وَمَا يَلِيهِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً [النَّحْلِ: 89]
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النَّحْلِ: 44] فِيهِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32233_32232_26502_19971_29568الْقُرْآنَ رَحْمَةٌ وَهِدَايَةٌ، وَفِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَحْكَامِ الْعِبَادَةِ وَالْمُعَامَلَةِ وَالْعَادَةِ، وَالْمَوَاعِظِ وَالزَّوَاجِرِ، وَالْآدَابِ، وَالْقِصَصِ، وَالْأَمْثَالِ.
وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوَى، تَفْسِيرُ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ فَهْمًا فِيهِ، فَقَدْ رُزِقَ عِلْمًا كَثِيرًا يُفْتِي بِهِ، وَيَقْضِي بِهِ فِي النَّاسِ.
وَفِيهِ الْأَمْرُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِبَيَانِهِ لَهُمْ، وَالْأَئِمَّةُ أُسْوَتُهُ فِي ذَلِكَ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعَ مَا نَزَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إِلَّا اتِّبَاعَهُ وَاتِّبَاعَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
nindex.php?page=treesubj&link=28328_18480فَمَنْ تَرَكَ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ فَقَدْ حُرِمَ مِنَ الْعِلْمِ، وَبَعُدَ عَنِ الرَّحْمَةِ، وَخُلِّيَ عَنِ الْهِدَايَةِ.
وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ لِرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مَنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشُّورَى: 52].
وَفِيهِ أَنَّ الْكِتَابَ نُورٌ، وَأَنَّ الْحَدِيثَ صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ.
وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=43فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ [الزُّخْرُفِ: 43] وَهَذَا نَصٌّ فِي اتِّبَاعِ الْكِتَابِ، وَقَدْ نَدَبَ إِلَيْهِ رَسُولَهُ، وَأَمَرَهُ بِهِ، فَمَا ظَنُّكَ بِغَيْرِهِ؟
[ ص: 278 ] وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ [الْمَائِدَةِ: 49] وَالْمُرَادُ بِهِ: كِتَابُ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَهْوَاءِ: آرَاءُ الرِّجَالِ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34038دِينَ الْإِسْلَامِ كَامِلٌ لَا نَقْصَ فِيهِ، وَالْكَامِلُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى كَمَالٍ.
فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأُمَّةَ تَحْتَاجُ إِلَى رَأْيِ الرِّجَالِ وَتَقْلِيدِ الْمَذَاهِبِ، فَقَدْ ظَنَّ أَنَّ الدِّينَ نَاقِصٌ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِضَمِّ ذَلِكَ إِلَيْهِ. وَهَذَا إِنْكَارٌ لِهَذِهِ الْآيَةِ النَّاطِقَةِ بِكَمَالِهِ وَتَمَامِهِ.
ثُمَّ مَنَّ عَلَى النَّاسِ بِمَا آتَاهُمْ مِنَ الْعِلْمِ، وَأَمَرَهُمْ بِالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، وَأَلَّا يَقُولُوا غَيْرَ مَا عَلَّمَهُمْ، فَقَالَ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ [الشُّورَى: 52] وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=23وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=24إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الْكَهْفِ: 23 ، 24]. وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الْإِسْرَاءِ: 36]
الْآيَاتُ فِيهَا دَلَالَاتٌ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ، وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي فِعْلِ الشَّيْءِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي اتِّبَاعُ مَا فِي غَيْرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فَإِنَّ الْعِلْمَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِيهِمَا، وَمَا سِوَاهُمَا فَضْلٌ أَوْ جَهْلٌ. فَكَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ، الدَّالُّ عَلَى مَعَانِيهِ.
وَكَأَنَّ أَصْحَابَهُ نَقَلُوا ذَلِكَ عَنْهُ، فَكَانُوا أَعْلَمَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبِمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ.
فَعَبَّرُوا عَنْهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَلَّغُوا سُنَّتَهُ، وَأَدَّوْا مَا سَمِعُوهُ، وَهَكَذَا حَالُ مَنْ تَبِعَهُمْ بِالْإِحْسَانِ إِلَى هَذَا الْآنَ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=36وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا [الْأَحْزَابِ: 36].
[ ص: 279 ] هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28328مُخَالَفَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ -عِبَادَةً كَانَتْ أَوْ عَقِيدَةً أَوْ مُعَامَلَةً- تُوجِبُ الضَّلَالَ الْبَعِيدَ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ عَلِمَ فِي أَمْرٍ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ وَحُكْمَ رَسُولِهِ فِيهِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ أَفْتَى بِمَا يُخَالِفُ أَمْرَهُمَا تَقْلِيدًا لِلْمَذْهَبِ، وَتَأْيِيدًا لِلْمَشْرَبِ، وَتَمَسُّكًا بِالرَّأْيِ، وَأَخْذًا بِالْهَوَى، فَهُوَ ضَالٌّ بَعِيدُ الضَّلَالَةِ. وَهَذَا الْجِنْسُ كَثِيرٌ فِي أَهْلِ الْمَذَاهِبِ وَالتَّقْلِيدَاتِ، لَا يَأْتِي عَلَيْهِ حَصْرٌ.