وعن مرة بن كعب -رضي الله عنه-، قال: سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذكر الفتن، فقربها؛ أي: ذكر أنها قريبة. فمر رجل مقنع في ثوب؛ أي: مستتر في ثوب جعله كالقناع.
قال في «الترجمة»: جعله فوق رأسه، ويقال له: التطلس؛ من الطيلسان، وقد وردت أخبار وآثار كثيرة في التطلس، وكرهه بعضهم، وجعلوه من سيماء اليهود. والصواب استحبابه واستحسانه، وهذا الحديث وأمثاله تؤيد ذلك، فقال: هذا يومئذ على الهدى»، فقمت إليه، فإذا هو قال: فأقبلت إليه بوجهه؛ أي: أدرت وجهه، ليتبين الأمر عليه، فقلت: هذا؛ أي: هذا هو الذي يومئذ على الهدى؟ قال: «نعم» رواه عثمان بن عفان، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه الترمذي، أيضا. ابن ماجه
فيه: أن على الحق، والفتنة التي وقعت في زمنه أهلها على الباطل، ولنعم ما قيل: عثمان
إنك حق وهم الباطل
وفيه فضيلة له -رضي الله عنه- عظيمة. وفيه رواية أخرى عن قال: ابن عمر، . رواه ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنة، فقال: «يقتل هذا فيها مظلوما» لعثمان وقال: هذا حديث حسن غريب إسنادا. الترمذي،
وفيه حجة على أنه قتل مظلوما، ولم يقتل ظالما، وقصة شهادته -رضي الله عنه- مذكورة في «الإشاعة»، وفي «حجج الكرامة». والحديث علم من أعلام النبوة؛ حيث أخبر فيه بما سيكون، وقد وقع كما أخبر، فلله الحجة البالغة.
[ ص: 417 ] وعن -رضي الله عنه- قال: أنس رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى عثمان مكة، فبايع الناس، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن عثمان في حاجة الله»؛ أي: نصرة دينه وحاجة رسوله»، فضرب بإحدى يديه على الأخرى؛ أي: في البيعة من جهة لما أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببيعة الرضوان، كان على فرض أنه حاضر في المكان والزمان. والمعنى: أنه جعل إحدى يديه نائبة عن يد عثمان، فقيل: هي اليسرى، وقيل: اليمنى، وهو الصحيح فكانت يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمان، خيرا من أيديهم لأنفسهم. رواه لعثمان، . الترمذي
قال في «الترجمة»: كان يقول: شمال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير من يميني . وهذه فضيلة خاصة عثمان لا يشارك فيها معه أحد. لعثمان،
قلت: وكم له من فضائل خاصة! منها اشتراء بئر «رومة »، وهو بئر عظيم شمالي مسجد القبلتين، بوادي العقيق، ماؤه عذب لطيف في غاية العذوبة واللطافة، يسميها الآن العامة: بئر الجنة؛ لترتب دخول الجنة على شرائها، كما في حديث لعثمان ثمامة بن حزن القشيري، عن : عثمان المدينة، وليس بها ماء يستعذب، غير بئر رومة، فقال: «من يشتري بئر رومة، يجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة.. الحديث. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم
ومنها: أنه اشترى بقعة آل فلان، فزادها في المسجد «بخير له منها في الجنة»؛ كما في الحديث المذكور أيضا.
وعنه -رضي الله عنه-: أحدا » وأبو بكر وعمر فرجف بهم؛ أي: تحرك اهتزازا، فضربه برجله، فقال: «اثبت أحد؛ فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان وعثمان، رواه أن النبي-صلى الله عليه وسلم- صعد « أي: البخاري؛ عمر . وفيه الشهادة بكونه شهيدا، وعثمان [ ص: 418 ] فهذا الحديث من عظيم فضائله -رضي الله عنه-. ولا رتبة أعظم من الشهادة بعد الرسالة والصدق،
وعن : جابر ونيط بأبي بكر، عثمان قال بعمر، فلما قمنا من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قلنا: أما الرجل الصالح، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأما نوط بعضهم ببعض، فهم ولاة الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم جابر: . رواه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أري الليلة»؛ أي: أبصر البارحة «رجل صالح كأن أبا بكر نيط». أي: علق برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونيط عمر . أبو داود
هذا الحديث علم من أعلام النبوة، وفيه إشارة إلى وقد فهم ذلك من قوله هذا، راوي الحديث، وكان كما قال. ومن شواهده حديث ترتيب الخلافة الراشدة بعده صلى الله عليه وسلم، قال: ابن عمر، رواه كنا نقول ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حي: أبو بكر، وعمر، وعثمان». . الترمذي
وهذا يشير إلى أن الله تعالى ألهمهم وألقى في روعهم ما كان صانعه بعد نبيه صلى الله عليه وسلم، من أمر ترتيب الخلافة.
وفي حديث قال: أبي موسى الأشعري، المدينة، فجاء رجل فاستفتح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «افتح له وبشره بالجنة»، ففتحت له، فإذا فبشرته بما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فحمد الله. ثم جاء رجل فاستفتح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «افتح له وبشره بالجنة»، ففتحت له، فإذا أبو بكر، فأخبرته بما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فحمد الله، ثم استفتح رجل فقال لي: «افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه»، فإذا عمر، فأخبرته بما قاله النبي-صلى الله عليه وسلم- فحمد الله ثم قال: الله المستعان عثمان، . متفق عليه. كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حائط من حيطان
وفيه ذكر الثلاثة على ترتيب الخلافة، وإخبار عن بلوى تصيب فالحديث علم من أعلام النبوة، وفيه إشارة إلى كونه شهيدا. ويزيده إيضاحا: حديث عثمان، : عائشة فإن أرادوك على خلعه، فلا تخلعه «يا عثمان! إنه لعل الله يقمصك قميصا، رواه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الترمذي، وابن [ ص: 419 ] ماجه. وقال : في الحديث قصة طويلة. الترمذي
فيه: الإشارة إلى الخلافة، واستعارة القميص لها، وذكر الخلع ترشيح؛ أي: سيجعلك الله خليفة، فإن قصد الناس عزلك، فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم؛ لكونك على الحق، وكونهم على الباطل، وفي قبول العزل إيهام وتهمة، فلذا كان ما عزل نفسه حين حاصروه يوم الدار، وقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عهد إلي عهدا، وأنا صابر عليه. رواه عثمان، عن الترمذي أبي سهلة، عن أبي عثمان، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وبالجملة: دل الحديث على صحة خلافته، فمن أنكر خلافته، ولم يره من أهل الجنة والشهداء، وأساء الأدب فيه باللسان أو الجنان، فهو خارج عن دائرة الإيمان وحيز الإسلام. والأحاديث في مناقبه كثيرة جدا، تصدى لذكرها المرزا محمد بن رستم المخاطب بمعتمد خان الحارثي البدخشي، المحدث الهندي - رحمه الله تعالى -.