قال في «الفتح الرباني»: إن من أقبح أنواع الظلم: ما يرجع إلى الأعراض؛ من غيبة، أو نميمة، أو شتم، أو قذف، أو سب، أو لعن، وقد ثبت جعل العرض مقترنا بالدم في التحريم، وما أكثر الظلمة للأعراض؟! فإن الظلمة في الدماء والأموال قليلون بالنسبة إلى من يظلم الناس في أعراضهم؛ لأن غالب الناس لا يستطيعون أن يظلموا الناس في دمائهم وأموالهم. بخلاف فإنه لما كان مقدورا لكل أحد، تتابع فيه كثير من الناس، ووقع فيه كثير من أهل العلم والفضل، زين ذلك لهم الشيطان، حتى صاروا في عداد الظلمة للدماء والأموال، بل أشر منهم عدم النفع لهم. [ ص: 493 ] فإن الظلمة في الدماء، شفوا أنفسهم بالوقوع في هذه المعصية، وكذلك الظلمة في الأموال قد انتفعوا بما أخذوه من الأموال. وأما الظلمة في الأعراض، فليس لهم إلا مجرد المعصية المحضة، والذنب العظيم والظلم الخالي عن النفع، مع أنه أشد على الهمم الشريفة والأنفس الكريمة من ظلم الدم والمال، كما قال الشاعر: الظلم في الأعراض؛
يهون علينا أن تصاب جسومنا وتسلم أعراض لنا وعقول
وقد ثبت في «الصحيحين»، وغيرهما من حديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته في حجة الوداع: أبي بكرة: وأخرج مسلم وغيره من حديث إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟». : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أبي هريرة كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله».وأخرج أبو يعلى بإسناد رجاله رجال الصحيح، من حديث قالت: عائشة، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا [الأحزاب: 58] الآية. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: «أتدرون أربى الربا عند الله؟»، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإن أربى الربا عند الله تعالى، استحلال عرض امرئ مسلم»، ثم قرأ:
وأخرجه أيضا بإسناد قوي من حديث البزار وأخرجه أيضا أبي هريرة، من حديث سعيد بن زيد. أبو داود
وأخرج في كتاب «ذم الغيبة» من حديث ابن أبي الدنيا قال: أنس بن مالك، خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر أمر الربا، وعظم شأنه، وقال: «إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا، عرض الرجل المسلم».
وفي حديث عند البراء بن عازب بإسناد لا بأس به يرفعه: الطبراني الربا [ ص: 494 ] اثنان وسبعون بابا، أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا، استطالة الرجل في عرض أخيه».
وفي حديث مرفوعا: ابن عباس وقد ثبت وأشد الربا وأربى وأخبث الربا انتهاك عرض المسلم، وانتهاك حرمته». وتمثيل ذلك بأكل الميتة. النهي القرآني عن الغيبة،