وقال ابن القيم -رحمه الله-: ومن جمع بين سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القبور، وما أمر به، ونهى عنه، وما كان عليه أصحابه -صلى الله عليه وسلم-، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم، رأى أحدهما مضادا للآخر، مناقضا له، بحيث لا يجتمعان أبدا.
[ ص: 597 ] فنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن وهؤلاء يصلون عندها وإليها، ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها، أو عندها المساجد، ويسمونها مشاهد، مضاهاة لبيوت الله، ونهى عن إيقاد السرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها، ونهى أن تتخذ عيدا، وهؤلاء يتخذونها أعيادا ومناسك وأعراسا، ويجتمعون إليها كاجتماعهم للعيد أو أكثر، [و] أمر بتسويتها كما في «مسلم» عن الصلاة إلى القبور، أبي الهياج الأسدي، وتقدم، وعن ثمامة بن شفي، وهو عند أيضا، وفيه: مسلم فضالة بقبره فسوي، ثم قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بتسويتها. وهؤلاء يبالغون في مخالفة هذين الحديثين، ويرفعونها من الأرض كالبيت، ويبنون عليها بالقباب. ونهى عن فأمر كما في «مسلم» عن تجصيص القبر، والبناء عليه، والكتابة وفي «أبي داود» عنه، وهو حديث صحيح، وهؤلاء يتخذون عليها الألواح، ويكتبون عليها القرآن وغيره. ونهى أن يزاد عليها غير ترابها كما في حديث جابر، عند جابر ونهى أن يجصص القبر، أو يكتب عليه، أو يزاد عليه، وهؤلاء يزيدون عليه الآجر والأحجار والجص. قال: أبي داود، كانوا يكرهون الآجر على قبورهم. إبراهيم النخعي:
والمقصود أن هؤلاء المعظمين للقبور، المتخذين إياها أعيادا وأعراسا، الموقدين عليها السرج، البانين عليها المساجد والقباب، مناقضون لما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، محادون لما جاء به. وأعظم [من] ذلك اتخاذها مساجد، وإيقاد السرج عليها، وهو من الكبائر، قد صرح الفقهاء من أصحاب وغيرهم بتحريمه. أحمد