[ ص: 164 ] الحديث الذي وضعته الزنادقة والخوارج
قال عبد الرحمن بن مهدي: الزنادقة والخوارج وضعوا حديث: "ما أتاكم عني، فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه، فأنا قلته، وإن خالفه فلم أقله أنا، وكيف أخالفه، وبه هداني الله؟!".
وهذه الألفاظ لا تصح عنه -صلى الله عليه وسلم- عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه.
وقد عارض هذا الحديث قوم من العلماء، وقالوا: نحن عرضنا هذا الحديث على كتاب الله، فوجدناه مخالفا له; لأنا لم نجد فيه أن لا يقبل من حديثه -صلى الله عليه وسلم- إلا ما وافقه، بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به، والأمر بإطاعته، ويحذر المخالفة عن أمره جملة على كل حال، فتركنا هذا الحديث.
قال ما روى في هذا أحد يثبت حديثه في شيء كبير ولا صغير. قال: وهي رواية منقطعة عن رجل مجهول. الشافعي:
قال أسانيده كلها ضعيفة لا يحتج بمثلها. وقال في موضع آخر: هذا خبر باطل. البيهقي:
قال الكتاب أحوج إلى السنة، من السنة إلى الكتاب. الأوزاعي:
قال يريد: أنها تقضي عليه، وتبين المراد منه. ابن عبد البر:
وقال يحيى بن كثير: السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب قاضيا عليها.
وقال الإمام ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكني أقول: إن السنة تفسر الكتاب وتبينه. وما أحسن هذا الأدب منه في العبارة! أحمد:
قال الآثار في بيان السنة لمجملات التنزيل -قولا وعملا- أكثر من أن تحصى. وفيما لوحناه به كفاية وهداية. ولله الحمد. ابن عبد البر:
قال: أهل البدع أجمع أعرضوا عن السنن، وتأولوا الكتاب على غير ما بينته السنة، فضلوا وأضلوا. نعوذ بالله من الخذلان.
[ ص: 165 ] قال عمل قليل في سنة خير من كثير في بدعة. الحسن:
قال صفوان المازني: سئل عن الصلاة في السفر، فقال: ركعتان، ومن خالف السنة كفر. ابن عمر
وقال قال سعيد بن جبير: ابن عباس: أي: في الحج، فقال تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عروة: أبو بكر عنها. وعمر
فقال: أراهم سيهلكون، أقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقولون: قال أبو بكر وعمر؟!.
وعن قال: من يعذرني من أبي الدرداء، أحدثه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويخبرني برأيه، لا أساكنك بأرض أنت فيه. معاوية،
وعن مثله بمعناه. عبادة بن الصامت،
وعن بلال بن عبد الله بن عمر، قال يوما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: فقلت: أما أنا، فسأمنع أهلي، فمن شاء فليسرح أهله، فالتفت إليه وقال: لعنك الله، ثلاثا، تسمعني أقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر ألا يمنعن، وقام مغاضبا. "لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد"
هذا خلاصة ما في كتاب "العلم" و"التمهيد" و"الاستذكار" و"الاستيعاب" لابن عبد البر، وما عداه من كلام وقليل من رسالة البيهقي، وكلها مروي بأسانيد جياد، حذفتها للاختصار. انتهى كلام الشافعي، الفلاني.
وقد أوجزته بحذف غالب الآثار، فإن شئت أن تطلع عليه، فلترجع إليه; فإنه موجود عندنا في خزانة الكتب.