الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 531 ] أقول: اتقاء الشبهة هو عام في جميع ما ذكر، أما في الأفعال والعبادات، فظاهر، وقد سبق مثاله.

وأما في الاعتقادات، فكذلك؛ فإن الأدلة إذا تعارضت على المجتهد في شيء من مسائل الاعتقاد، ولم يترجح له أحد الطرفين، ولا أمكنه الجمع، كان الاعتقاد بشبهة، "والمؤمنون وقافون عند الشبهات".

ومن هذا القبيل: المسائل المدونة في علم الكلام، المسمى بأصول الدين؛ فإن غالب أدلتها متعارضة.

ويكفي المتقي المتحري لدينه، أن يؤمن بما جاءت به الشريعة إجمالا، من دون تكلف لقائل، ولا تعسف لقال وقيل.

وقد كان هذا المسلك القويم، هو مسلك السلف الصالح من الصحابة والتابعين.

فلم يكلف الله أحدا من عباده أن يعتقد أنه - جل جلاله - متصف بغير ما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم.

ومن زعم أنه الله سبحانه تعبد عباده بأن يعتقدوا أن صفاته الشريفة كائنة على الصفة التي يختارها طائفة من طوائف المتكلمين، فقد أعظم على الله الفرية.

بل كلف عباده أن يعتقدوا أنه ليس كمثله شيء، وأنهم لا يحيطون به علما.

ولقد تعجرف بعض علماء الكلام بما ينكره عليه جميع الأعلام، فأقسم بالله: إن الله لا يعلم من نفسه غير ما يعلمه هذا المتعجرف.

فيا لله هذا الإقدام الفظيع، والتجاري الشنيع.

وأنا أقسم بالله! إنه قد حنث في قسمه، وباء بإثمه، وخالف قول من أقسم به في محكم كتابه ولا يحيطون به علما [طه: 110].

بل أقسم بالله! إن هذا المتعجرف لا يعلم حقيقة نفسه، وماهية ذاته على [ ص: 532 ] التحقيق، فكيف يعلم بحقيقة غيره من المخلوقين، فضلا عن حقيقة الخالق - تبارك وتعالى ؟!

وهكذا سائر المسائل الكلامية؛ فإنها مبنية في الغالب على دلائل عقلية، هي - عند التحقيق - غير عقلية.

ولو كانت معقولة على وجه الصحة، لما كانت كل طائفة تزعم أن العقل يقضي بما دبت عليه، ودرجت واعتقدته، حتى ترى هذا يعتقد كذا، وهذا يعتقد نقيضه.

وكل واحد منهما يزعم أن العقل يقتضي ما يعتقده. وحاشا العقل الصحيح السالم عن تغير ما فطره الله عليه أن يتعقل الشيء ونقيضه؛ فإن اجتماع النقيضين محال عند جميع العقلاء.

فكيف تقضي عقول بعض العقلاء أحد النقيضين، وعقول البعض الآخر النقيض الآخر بعد ذلك الاجتماع؟!

وهل هذا الأمر إلا الغلط البحت، الناشئ عن العصبية، ومحبة ما نشأ عليه الإنسان؟!!ومن الافتراء البين على دليل العقل، ما هو عنه بريء.

وأنت إن كنت تشك في هذا، فراجع كتب "الكلام"، وانظر المسائل التي قد صارت عند أهله معدودة من المراكز، كمسألة "التحسين والتقبيح" و"خلق الأفعال" و"تكليف ما لا يطاق" ومسألة "خلق القرآن" ونحو ذلك، فإنك تجد ما حكيته لك بعينه إن لم تقلد طائفة من الطوائف، بل تنظر كلام كل طائفة من كتبها التي دونتها.

فاجمع مثلا بين مؤلفات المعتزلة، والأشعرية، والماتريدية. وانظر ماذا ترى.

ومن أعظم الأدلة الدالة على خطر النظر في كثير من مسائل الكلام: أنك لا ترى رجلا أفرغ فيه وسعه، وطول في تحقيقه باعه، إلا رأيته عند بلوغ النهاية، [ ص: 533 ] والوصول إلى ما هو فيه الغاية يقرع على ما أنفق في تحصيله سن الندامة، ويرجع على نفسه - في غالب الأحوال - بالملامة، ويتمنى دين العجائز، ويفر من تلك الهزاهز.

كما وقع من "الجويني"، و"الرازي"، و"ابن أبي الحديد"، و"السهروردي"، و"الغزالي"، وأمثالهم، وممن لا يأتي عليه الحصر.

فإن كلماتهم نظم ونثر في الندامة، على ما جنوا به على أنفسهم، مدونة في مؤلفات الثقات.

هذا، وقد خضع لهم في هذا الفن الموالف والمخالف، واعترف لهم بمعرفته القريب والبعيد.

نعم، أصول الدين الذي هو عمدة المتقين، ما في كتاب الله تعالى، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه [فصلت: 42]، وما في السنة المطهرة.

فإن وجدت فيهما، ما يكون مختلفا في الظاهر، فليسعك ما وسع خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وهو الإيمان بما ورد كما ورد، ورد علم المتشابه إلى علام الغيوب.

ومن لم يسعه ما وسعهم، فلا وسع الله عليه.

ولتعلم - أرشدني الله وإياك - أني لم أقل هذا تقليدا لبعض ما أرشد إلى ترك الاشتغال بدقائق هذا الفن، كما وقع لجماعة من محققي العلماء، بل قلت هذا بعد تضييع برهة من العمر في الاشتغال به، وإحفاء السؤال لمن يعرفه، والأخذ عن المشهورين به، والإكباب على مطالعة كثير من مختصراته ومطولاته، حتى قلت عند الوقوف على حقيقته من أبيات منها:


وغاية ما حصلته من مباحثي ومن نظري من بعد طول التدبر     هو الوقف ما بين الطريقين حيرة
فما علم من لم يلق غير التحير [ ص: 534 ]     على أنني قد خضت منه غماره
ولم أرتضي فيه بدون التبحر



وأقل أحوال النظر في ذلك، أن يكون من المشتبهات التي أمرنا بالوقوف عندها.

ومن جملة المشتبهات: النظر في المتشابه من كتاب الله وسنة رسوله، وتكلف علمه، والوقوف على حقيقته.

على أنه لا يبعد أن يقال: قد بين الله في كتابه، وعلى لسان رسوله: أنه مما لا يحل الإقدام عليه، وأنه مما استأثر الله بعلمه.

وقد كان السلف الصالح يتحرجون من ذلك، ويتغيرون على من اشتغل به، "وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم". والصحابة الذين هم خير القرون، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، من الكلام المشتمل على التنفير من ذلك، ما لو جمع، لكان مؤلفا حافلا.

قال: وكعدم سجود التلاوة في الصلاة، حيث يقول الشافعي: سجد النبي صلى الله عليه وسلم للتلاوة في صلاة الفجر.

فيقول المخالف له: زيادة على القطعي، وهي لا تقبل إلا بدليل قطعي؛ كحكم النقصان من المقطوع به، فإنه لم ينقص عنه إلا بدليل قطعي؛ كقوله تعالى: فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة [النساء: 101].

فهل هذا الذي يقول بعدمه، ممن اتقى الشبهة أم لا؟

وهل يدخل في ذلك المقلد بتقليد إمامه أنه مثلا قد اتقى الشبهة بسنية السجود أو عدمه، أم هو باق فيمن لم يتق هذه الشبهة؟ انتهى.

أقول: قد قدمنا في ذكر الأقسام التي فسرنا بها المتشابه: أن اختلاف أقوال أهل العلم لا تكون شبهة إلا في حق المقلد، لا في حق المجتهد، فالشبهة عند تعارض الأدلة على وجه لا يمكنه الجمع ولا الترجيح.

[ ص: 535 ] فهذه المسألة المذكورة، إن تعارضت أدلتها على المجتهد، على وجه لا يمكنه ترجيح أدلة فعل السجود، وأدلة الترك، وتعذر عليه الجمع، فلا ريب أنه يقف عند ذلك ويترك السجود؛ لأنه لا يكون مستويا في حقه إلا بعد انتهاض دليله الخالص عند شوب المعارض المساوي، فلا يكون تاركا لمسنون، ولو فعل، لم يأمن أن يكون مبتدعا، والمبتدع آثم، فالورع الترك.

وأما إذا كان مقلدا، فإن كان لاختلاف العلماء تأثير في اشتباه الأمر عليه، كما هو شأن أهل التمييز من المقلدين، فلا شك أن الورع الترك؛ لأن ترك سنة مجوزة أحب من ارتكاب بدعة.

وإن كان هذا المقلد لا تخالجه الشكوك عند الاختلاف، بل يعتقد صحة قول إمامه، وفساد قول من يخالفه، كائنا من كان، كما هو شأن من قل تمييزه من المقلدين، فهذا لا يتأثر معه الاشتباه.

بل قول إمامه في معتقده بمنزلة الدليل الخالي عن المعارض في اعتقاد المقلد، فلا يكون الأمر مشتبها في حقه.

قال: وهل يجوز مثلا مع تضييق الحادثة، كتركة رجل لا تكفي إلا دينه أو تكفينه؟

فماذا يصنع مثلا من يرجح تقديم الكفن على الدين كونه كالمسنن له من حال حياته، أو تقديم قضاء الدين على الكفن، بتقديم الدليل القطعي على قول من يقول به؛ لأنه لا تضرر من الميت في تلك الحالة، بخلاف صاحب الدين والتضرر معه حاصل؟

فكيف يجوز اتقاء الشبهة مع تضييق الحادثة، والاتقاء يؤدي إلى حرمان الميت وأهل الدين جميعا؟ انتهى.

أقول: إن كان التردد الناشئ عن تعارض الأدلة خاصلا للمجتهد، فالمقام مقام شبهة بلا شك.

[ ص: 536 ] وعليه أن يقف عند ذلك. ولم يكلفه الله أن يفتي بلا علم. إنما تعبد بالفتيا والحكم من كان يعلم الحق.

وهذا المتردد، لا يعلم الحق ولا يظنه؛ لتعارض الأدلة، فلم يحصل له مناط الاجتهاد.

وليست هذه الحادثة بمتضيقة عليه؛ لأنه في حكم من لا يعلم. هذا إذا كان يوافي اجتهاده عدم جواز التقليد لمثله.

وإن كان يرى جواز التقليد إذا عرض مثل ذلك، عمل باجتهاده في جواز التقليد له، وقلد من يراه أولى بالتقليد من المختلفين في المسألة من العلماء، فإنه لا يخفى على مثله من هو أولى بالتقليد.

وإن كان لا يرى جواز التقليد لمثله، فلا يجوز له الإقدام على مثل ذلك الأمر؛ لأنه إن أقدم، أقدم بلا علم.

ولم يكلف الله من لا علم عنده أن يقدم على ما لا يعلم، بل نهاه عن ذلك في كتابه العزيز، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

وليست تلك الحادثة بمضيقة عليه، بما يتضيق على من يجد منها فرجا ومخرجا.

وأما من لا فرج عنده ولا مخرج، فوجوده بالنسبة إليها كعدمه. وهذا الكلام لا بد من اعتباره في الحوادث المضيقة، فليحفظ.

وأما إذا كان من تضيقت عليه الحادثة مقلدا، فإن كان لا يرى الحق إلا ما يقوله إمامه، ولا يعتد بمن يخالفه، فعليه أن يفتي، أو يقضي بمذهب إمامه، ولا يضره من يخالفه.

وإن كان يتبع أقوال العلماء، ويحجم عند اختلافهم، فالإقدام شبهة، بل من التقول على الشريعة بما ليس منها. ولم يكلف الله تعالى بذلك، ولا تضيقت عليه الحادثة، فيدع حبل هذه الحادثة على غاربها، ويترك الإقدام على ما ليس [ ص: 537 ] من شأنه، ويرفعها إلى من هو أعلم بها منه، إن كان موجودا، أو إن لم يوجد فلا يجني على نفسه بجهله، وفي الناس بقية يعلمون بعقولهم، وهو عن إثمهم بريء.

على أن تقديم الكفن على الدين قد صار معلوما من هذه الشريعة في حياته صلى الله عليه وسلم، وبعد موته، فلم يسمع سامع أن رجلا مديونا سلب أهل الدين كفنه.

وقد مات في زمن النبوة جماعة من المديونين، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ أكفانهم في قضاء الدين. وما زال ذلك معلوما بين المسلمين قرنا بعد قرن، وعصرا بعد عصر.

قال: فوت الجماعة وحصل له مدافعة الأخبثين أو الريح. انتهى.

أقول: ليس هذا من المشتبهات، فإنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن الدخول في الصلاة حال مدافعة الأخبثين.

فدخول المدافع في صلاة الجماعة ليس بمشروع.

والجماعة إذا فاتته وهو على تلك الحال، فلا نقص عليه في فوتها؛ لأنه تركها في حال قد نهاه الشارع عن مراعاتها، فهو بامتثاله النهي أسعد منه بالحرص على طلب فضيلة الجماعة.

قال: وكاستعمال الماء مع خروج الوقت أو التيمم وإدراك الصلاة في الوقت.

فيقول: لا يبرأ عن الشبهة إلا من صلى صلاتين: واحدة بالتيمم، والأخرى بعد خروج الوقت بالوضوء؛ كقول المرتضى أو الناصر. انتهى.

أقول: إن كان من اتفق له ذلك مجتهدا، فالاعتبار بما يترجح لديه.

فإن كان يرى في اجتهاده وجوب التيمم، بخشية خروج الوقت، كان فرضه التيمم، وإن كان يرى وجوب الوضوء وإخراج الوقت، كان فرضه ذلك.

[ ص: 538 ] وإن تردد لتعارض الأدلة، كان المقام بالنسبة إليه من المشتبهات، يفعل ما يراه أحوط، لكن لا يفعل الصلاة مرتين، فإنه قد صح النهي عن أن يصلي صلاة في يوم مرتين.

وإذا كان من اتفق له ذلك مقلدا، ففرضه العمل بقول من يقلده، إذا كان لا يحصل معه التردد بسبب خلاف من يخالف إمامه، وإلا كان المقام مقام شبهة في حقه على التفصيل المقدم.

قال: وكامرأة خطبها معيب بما تفسخ به، عالم ورع، وصحيح جاهل فاسق، فيقول بترك الكل، أم يكون الخروج من الشبهة بتزويج المعيب أو الصحيح، الموصوفين بما ذكر؟ انتهى.

أقول: الصحيح الفاسق ليس ممن ترضى المرأة خلقه ودينه، فلا يجب عليها قبول خطبته، بل لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما أمرنا بقبول خطبة من نرضى دينه وخلقه.

وأما المؤمن المعيب، فإجابته متوقفة على اغتفار المخطوبة بعيبه. فإن لم تغتفر ذلك، كان لها الامتناع، ولا يجب عليها الإجابة.

فليس المقام من المشتبهات التي ينبغي الوقوف عندها؛ لأن المانع في الخاطب الأول - أعني: الفاسق - راجع إلى الشرع، فلا يحل الإجابة له شرعا، والمانع من الخاطب الثاني - أعني: المؤمن - راجع إلى المخطوبة، فيجوز لها إجابته مع الرضا بعيبه.

قال: فهذه أطراف ذكرتها لكم، على جهة التنبيه، وكيف يكون الحكم فيمن هذه حاله؟ وما هو المشتبه منها، وما لا؟

ومثل المسألة التي نحن بصددها في الحدود المحدودة بين القبائل، وشجار الزكاة والحرفة والمعاش، هل يكون الإجمال في ذلك، والوصف للواقع من دون جزم، بأن هذا الوجه الشرعي اتقاء للحرام أو الشبهة، أم يكون الإجمال في ذلك ليس اتقاء؟ انتهى.

[ ص: 539 ] قد قدمنا في البحث الثاني من أبحاث الجواب، في تحقيق الشبهة، وما هو الذي ينبغي لمن اشتبه عليه أمر من الأمور، ما لا نحتاج إلى إعادته هنا.

ومسألة الحدود، وما ذكر بعدها، إن كان المجتهد يرى عدم ثبوتها وبطلانها، فلينظر لنفسه المخرج، إذا ابتلي بشيء منها، وألجئ إلى الفتيا فيها، أو الحكم بشيء، ولم يجد بدا من ذلك.

وأقل الأحوال - إذا لم يمكنه الصدع بالحق، والقضاء بأمر الشرع - أن يتخلص عن ذلك بالإحالة على غيره.

فإن لم يتمكن من ذلك؛ كأن يفوت بترك الخوض في مثل هذه الأمور مصالح دينية، أو ينشأ عن هذا الترك مفاسد في أمور أخروية، فعليه أن يحكي ما جرت به الأعراف، واستمرت عليه العادات، يحيل الأمر على ذلك.

ولا يحيله على الشرع المطهر، فيكون قد أعظم الفرية على الدين الحنيف، وخلط أحكام العادة بأحكام الوضع والتكليف.

وإذا كان قد تقدمه من يجوز تقرير ما فعله من الأئمة، والحكام الأعلام، فليقل في مثل هذه الأمور التي لا تجري على مناهج الشرع، قال بهذا فلان، وحكم به فلان، وأفتى به فلان وبينه، على أن مسلك الشرع معروف، ومنار الدين مكشوف، ومنهج الحق مألوف.

مثلا: إذا اضطر إلى فصل بعض الخصومات المتعلقة بالحدود، التي بين أهل البوادي، ووجدنا بأيديهم ما يفيد بأن الواضع لذلك بينهم، أحد المرجوع إليهم في العلم والدين، وأنه لا سبيل إلى الحكم بالشركة الذي هو المنهج الشرعي، فليقل في مرقومه: قال فلان كذا، ومنهج الشرع الاشتراك في الماء والكلأ.

ولكنه قد حكم بما رآه صوابا، ولا سبيل إلى نقض حكمه، أو نحو ذلك من المعاريض التي فيها لمن وقع في مثل هذه الأمور مندوحة. وهكذا سائر ما ذكره السائل - دامت فوائده -.

[ ص: 540 ] وإلى هنا انتهى الجواب، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على رسوله وخاتم أنبيائه، محمد سيد ما في الكائنات، وعلى آله وصحبه معاشر الحسنات ومعادن المكرمات، آمين.

تم بحمده - سبحانه وتعالى - في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1204 الهجرية.

[ ص: 541 ] مسك الختام

يقول مصححه الراجي عفو ربه الستار المحمدي السلفي محمد زهري النجار:

الحمد لله الذي امتن علينا بنعمة التوحيد والإيمان، وجعلنا خير أمة أخرجت للناس.

وبعد: فقد تم طبع كتاب "الدين الخالص" تأليف العلامة الكبير والعلم الشهير صاحب المؤلفات الكثيرة الممتعة في مختلف العلوم والفنون أمير العلماء وعالم الأمراء النواب "السيد محمد صديق حسن خان" ملك بهوبال القنوجي، ثم البهوبالي، المتوفى سنة 1307هـ في بهوبال، وذلك بمطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر لصاحبها المفضال السيد علي صبح المدني السلفي، الذي أخذ على عاتقه نصرة السنة النبوية بنشر الكتب السلفية يبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة.

[ ص: 542 ] ومن أمارات حسن الطالع أن وافق تمام طبع هذا الكتاب في منتصف شهر ربيع الأول سنة 1380هـ الموافق لشهر سبتمبر سنة 1960م.

وختاما نسأل الله الكريم أن يجزي الجزاء الأوفى لمؤلف الكتاب، ولحضرة صاحب السمو الأمير المعظم "الشيخ علي آل ثاني" حاكم قطر المعظم؛ حيث بعثه من مرقده بتجديد طبعه على العرض الأنيق على وجه يسر القراء والعلماء.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم وبارك على سيد الخلق أجمعين محمد وآله ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

التالي السابق


الخدمات العلمية