انحراف أتباع أئمة أهل البيت وارتكابهم جريمة التقليد
مع نهي أئمتهم عنه
ولكنه قلدوه، شاء أم أبى، وقالوا: قد قلدوه - وإن كان لا يجوز ذلك - عملا بما قاله بعض المتأخرين: إنه يجوز تقليد الإمام الهادي وإن منع من التقليد، وهذا من أغرب ما يطرق سمعك إن كنت ممن ينصف.
وبهذا تعرف أن مؤلفات أتباع الإمام الهادي في الأصول والفروع، وإن صرحوا في بعضها بجواز التقليد، فهو على غير مذهب إمامهم. وهذا كما وقع لغيرهم من أهل المذاهب.
وقد كان أتباع هذا الإمام في العصور السابقة، وكذلك أتباع الإمام الأعظم زيد بن علي - عليه السلام - فيهم إنصاف، لا سيما في فتح باب الاجتهاد، وتسويغ دائرة التقليد، وعدم قصر الجواز على إمام معين، كما يعرف ذلك من مؤلفاتهم.
بخلاف غيرهم من المقلدة; فإنهم واستروحوا إلى أن باب الاجتهاد قد انسد، وانقطع التفضل من الله به على عباده، ولقنوا العوام الذين هم مشاركون لهم في الجهل بالمعارف العلمية، ودونوا لهم في معرفة مسائل التقليد، بأنه لا اجتهاد بعد استقرار المذاهب، وانقراض [ ص: 219 ] أئمتها، فضموا إلى بدعتهم بدعة، وشنعوا شنعتهم بشنعة، وسجلوا على أنفسهم بالجهل. أوجبوا على أنفسهم تقليد المعين،
فإن من يجارى على مثل هذه المقالة، وحكم على الله سبحانه بمثل هذا الحكم، المتضمن بتعجيزه عن التفضل على عباده بما أرشدهم إليه من تعلم العلم وتعليمه، لا يعجز عن التجاري على أن يحكم على عباده بالأحكام الباطلة، ويجازف في إيراده وإصداره.