الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [ارتداد الزوج أو الزوجة]

                                                                                                                                                                                        وإذا ارتد الزوج أو الزوجة بعد طلاق الثلاث لم تسقط الردة الخطاب بأن تنكح زوجا غيره.

                                                                                                                                                                                        فإن ارتد بقي الخطاب لها ألا تنكح حتى تذوق عسيلة غيره.

                                                                                                                                                                                        وإذا ارتدت بقي الخطاب له لقوله سبحانه: فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره [البقرة: 230].

                                                                                                                                                                                        فإن ارتدا جميعا، ثم رجعا إلى الإسلام، جاز أن يتناكحا من غير زوج على [ ص: 2094 ] مذهب ابن القاسم؛ لأنهما عنده بمنزلة من لم يتقدم لهما إسلام، ولم يجز ذلك على قول غيره؛ لأنهما يعودان عنده على ما كانا عليه قبل الارتداد من الخطاب لهما وعليهما.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا ارتد الزوج، والزوجة نصرانية، فقال ابن القاسم: لا تحل له إذا رجع إلى الإسلام إلا أن تنكح زوجا غيره مسلما لا نصرانيا.

                                                                                                                                                                                        وهذا إنما يصح على القول أنهم مخاطبون بفروع الإسلام، والصحيح أنهم غير مخاطبين بذلك، إلا بعد تقدم الإسلام، فتحل من غير زوج.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ارتد المحل خاصة، فقال ابن القاسم في "الدمياطية": لا تحل. وذكر سحنون عن غيره: أنها تحل.

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن؛ لأنها تحل بأول الملاقاة، وما حدث بعد ذلك من فساد دينه فلا ينقل ذلك، كما لو اشترى أحدهما الآخر بعد الإصابة، وكذلك إن ارتدت هي بعد أن أحلها ففي "كتاب محمد" أنها لا تحل بذلك لزوج قبله.

                                                                                                                                                                                        وعلى قول غيره تحل. وهو أحسن في المسألتين جميعا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في أيمانه بالطلاق والظهار، وفي ظهاره، فقال ابن القاسم: إذا ارتد وعليه أيمان بالعتق، أو عليه ظهار؛ الردة تسقط ذلك عنه. [ ص: 2095 ]

                                                                                                                                                                                        وقال في "كتاب محمد ": تسقط عنه أيمانه بالعتق إلا الظهار. قال محمد: يلزمه الظهار كما يلزمه الطلاق، قال: وذكر عن ابن القاسم أنه قال: تلزمه أيمانه بالظهار. ولم يعجبني.

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن، ولا يلزمه ظهار، وليس كالطلاق؛ لأن الخطاب في الطلاق يتوجه إلى الزوج وإلى الزوجة، وفي الظهار يتوجه إليه خاصة، فإذا ارتد سقط الخطاب بذلك، فإذا رجع إلى الإسلام، كان عنده بمنزلة من لم يتقدم له إسلام.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية