باب فيمن سافر بزوجته ثم طلقها أو سافرت دونه
سفر الرجل بزوجته على أربعة أوجه:
فإما أن يكون لحاجة له ثم يعود، وإما أن يكون لحاجة لها، أو على وجه الانتقال، أو الحج.
فإن خرج لتجارة أو لحاجة ثم يعود، أو لغزو، أو ما أشبه ذلك ولم يبعد عن وطنه، أو بعد وكانت إن رجعت أدركت من العدة ما له قدر؛ كان عليها أن ترجع، وإن كانت تنقضي العدة قبل وصولها، أو يبقى ما لا قدر له، لم ترجع واعتدت في موضعها إن كانت في مستعتب، أو تنتقل إلى أقرب المواضع إليها.
وإن كانت في غير مستعتب أو لا مستعتب دون الموضع الذي خرجت إليه فيكون لها أن تبلغه، وإن كان انقضاء العدة قبله، فإذا كان الحكم أن ترجع إلى الموضع الذي خرجت منه وهو مسيرة يوم وليلة لم ترجع إلا مع ولي أو جماعة ناس، ولا بأس بحالهم، وإلا أقامت في موضعها حتى تجد، [ ص: 2275 ] وإن لم تكن في مستعتب تمادت مع الرفقة التي هي فيها، فإن بلغت مستعتبا أقامت إن كانت ترجو من يأتي فترجع معهم قبل انقضاء العدة وإلا تمادت.
وقال في كتاب محمد فيمن خرج إلى المصيصة بعياله ليقيم الأشهر أو السنة أن امرأته تعتد بها، قال: والأول من قول مالك أحب إلينا. مالك
فرأى مرة أن لطول الإقامة تأثيرا، وهذا أحسن، والسنة وما قاربها انقطاع عن الأول، ولا تخرج عن مسكن هي فيه مقيمة هذه المدة، وترجع لتعتد في غيره.
ولو لاعتدت زوجته بها، وسواء كان موته في أول سكناه أو في آخره. كان لرجل داران وسكناه بإحداهما فانتقل إلى الأخرى، ليقيم فيها سنة أو ما قاربها فمات في التي انتقل إليها
وإن لم يكن عليها أن ترجع إلى الأول؛ لأن الميت رفضه، ولها أن تعتد بموضع مات فيه إن مات في [ ص: 2276 ] مستعتب أو تنتقل إلى غيره إذا كان مأمونا ولا تبعد؛ لأنها وإن كانت لم تتعين عليها العدة في مسكن فإنه لا يسقط أن تكون مخاطبة بما تخاطب به المعتدة من أنها مأخوذة بالتحفظ، وألا تبيت عن المسكن الذي تكون فيه، فإذا كان ذلك لم يكن لها أن تجعل عدتها في أسفار ومناهل وقفار، فإن خرج من بلده على وجه الانتقال ثم مات بالطريق كانت الزوجة كالتي لا سكنى لها، وكانت بالخيار بين أن تعتد بالمسكن الذي مات فيه أو بغيره من تلك المدينة أو بغيرها إذا كان قريبا. مات الزوج بعد وصوله البلد الذي أراد سكناه ثم مات قبل أن يتخذ فيه مسكنا
ولو كانت بالخيار أيضا حسبما تقدم لو لم يكتر، فإن انتقل إليه تعين عليها حينئذ العدة فيه. اكترى منزلا فلم ينتقل إليه حتى مات