الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الظهار بالجدات والأخوات والأصهار والأجنبيات

                                                                                                                                                                                        الظهار ينعقد بمن سوى الأم من ذوات المحارم، كالجدة والخالة والعمة والأخت والابنة وبنت الابن والبنت، كن من النسب أو الرضاعة، واختلف في انعقاده بالأجنبيات وبالذكران أصهارا كانوا أو غيرهم، فأما الأجنبيات فاختلف فيهن على خمسة أقوال:

                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه ظهار إلا أن يريد به الطلاق.

                                                                                                                                                                                        والثاني: أنه طلاق إلا أن يريد به الظهار.

                                                                                                                                                                                        والثالث: أنه ظهار وإن أريد به الطلاق.

                                                                                                                                                                                        والرابع: أنه طلاق وإن أراد به الظهار.

                                                                                                                                                                                        والخامس: أنه لا يكون ظهارا ولا طلاقا.

                                                                                                                                                                                        فقال ابن القاسم: إن سمى الظهار كان ظهارا، فإن قال: أنت علي كفلانة كان طلاقا، قال: لأنه إذا سمى الظهر علمنا أنه أراد الظهار. [ ص: 2294 ]

                                                                                                                                                                                        فجعل ذلك إلى إرادته ونيته، وقال سحنون في السليمانية: إن لم يرد به الظهار فهو تحريم. وقال محمد بن المواز: هو ظهار، وإن نوى به الطلاق، قال: وهو قول مالك وأصحابه.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: هو طلاق، ولا يكون الظهار إلا في ذوات المحارم، وهو الذي نزل فيه القرآن. وقال مطرف: إذا قال: أنت علي كظهر ابني أو غلامي لا يكون ظهارا ولا طلاقا، وإنه لمنكر من القول. يقول: لا يكون ظهارا لأنه غير ما نزل فيه القرآن، ولا يكون طلاقا؛ لأنه لم ينوه، وإنما نوى ما يرى أنه تبقى معه العصمة، وعلى هذا يكون الظهار بالأجنبي غير منعقد؛ لأنه خارج عما نزل فيه القرآن، ولا يكون طلاقا؛ لأنه لم ينوه، وإنما نوى ما يرى أن العصمة تبقى معه.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يسم الظهر، فقال: كفلانة على قولين:

                                                                                                                                                                                        فقال ابن القاسم في المدونة: هو طلاق.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد: هو ظهار، إلا أن يريد الطلاق. وعلى قول مطرف لا يكون ظهارا ولا طلاقا، فإن قال: كفلانة، وقال: نويت غير الظهار لم يكن مظاهرا قولا واحدا. [ ص: 2295 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية