الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن حلف لا يطأ امرأة ثم تزوجها ومن آلى بعتق عبد ثم أعتقه واشتراه]

                                                                                                                                                                                        ومن قال لامرأته: والله لا أطؤك ثم تزوجها كان في حكم المولي من يوم تزوجها، فإن أصابها حنث، ولو قال: أنت علي كظهر أمي ثم تزوجها- لم يلزمه [ ص: 2404 ] ظهار، ولزمه الإيلاء: لأنه حلف ألا يوجد منه فعل، ولم يعلق يمينه بوقت، فوجب أن يكون حانثا متى وجد منه فعل ذلك، ألا ترى أنه لو أصابها حراما بغير تزويج حنث، ولم يلزمه ظهار؛ لأنها حين يمينه عليه كظهر أمه، وهو بمنزلة من قال لها: وطؤك علي حرام، وأيضا فإنه كان الطلاق في الجاهلية.

                                                                                                                                                                                        ولو قال لها: أنت طالق، ثم تزوجها - لم يلزمه شيء إلا أن يريد: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي، وإن قال: إن تزوجتك فأنت طالق، ووالله لا أقربك وتزوجها - وقع عليها الطلاق، فإن تزوجها بعد ذلك كان على حكم المولي.

                                                                                                                                                                                        وقد تقدم في كتاب الظهار إذا قال: إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي، ووالله لا أقربك وإذا آلى بعتق عبده، ثم باعه - سقط عنه حكم الإيلاء، فإن عاد إليه بميراث لم تعد عليه يمين.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا عاد إليه بالشراء هل تعود عليه اليمين؟ ولا أرى عليه شيئا إذا عاد إليه بعد أن تداولته الأملاك أو كان الحالف والمشتري من أهل الدين والفضل أو أحدهما، ولا تعود اليمين مع صحة البيع، وإنما تعود إذا لم يكن بيعا، واتهما أن يكونا جعلاه ذريعة وأظهر البيع، فإذا كان البائع والمشتري من أهل التهم على مثل ذلك ولم تتداوله الأملاك- صح أن تعود اليمين.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا فلس الحالف أو مشتري العبد منه فباعه السلطان عليه، وألا [ ص: 2405 ] تعود اليمين أصوب، وبيع السلطان يرفع التهمة، وإن آلى بطلاق امرأته ألا يصيب امرأة له أخرى، فإن آلى بطلاق الثلاث ثم طلق التي آلى منها ثلاثا، ثم تزوجها بعد زوج عادت عليه اليمين فإن طلق التي آلى بها ثلاثا سقطت عنه اليمين إن تزوجها بعد ذلك، وإن طلقها واحدة لم تسقط، فإن وطئ التي آلى منها والأخرى في العدة حنث ببقية طلاقها، وإن أصابها بعد أن بانت منه وقد عادت إليه بنكاح- عادت عليه اليمين، ووقع عليه بقية طلاقها، وإن آلى من أربع نسوة بيمين واحدة فأصاب إحداهن - سقط الإيلاء عن بقيتهن، وإن أفرد كل واحدة منهن بيمين فحنث في واحدة كانت اليمين منعقدة في البواقي، فلو قال لواحدة: والله لا أطؤك، ثم عطف على البواقي فقال: ولا أنت ولا أنت، فإن أراد إدخالهن في اليمين الأولى - كانت يمينا واحدة، وإن نوى استئناف اليمين على كل واحدة فأصاب الأولى لم يحنث في البواقي.

                                                                                                                                                                                        وإن قال: والله لا أقرب واحدة منكن كان إيلاء واحدا، وإن قال: أيتكن قربتها. فعليه كفارة يمين، أو عليه فيها يمين لأنه قد أفرد. [ ص: 2406 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية