الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن قال لزوجته: الحقي بأهلك، أو ما أشبه ذلك]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب ابن حبيب وبعضه في كتاب محمد فيمن قال لزوجته في غضب أو في غير غضب: الحقي بأهلك، أو اجمعي عليك ثيابك، أو لا نكاح بيني وبينك، أو لا سبيل لي عليك، أو لا ملك لي عليك، أو لست مني بسبيل، أو اذهبي، أو لا تكوني لي بامرأة حتى تكون أمه امرأته، أو لا تحلين لي، أو احتالي لنفسك، أو أنت سائبة، أو مني عتيقة، أو ليس بيني وبينك حلال ولا حرام، فذلك كله سواء، ليس بشيء، إلا أن ينوي به الطلاق، فيكون على ما نوى، ويحلف، قال أصبغ: وإن نوى به الطلاق ولم ينو عددا فهي البتة، وقال ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون إذا قال: لست لي بامرأة أو يا مطلقة أو لا حاجة لي بك أو اعتزلي أو اخرجي أو تأخري أو انتقلي أو استتري أو تقنعي أو لم أتزوجك، فذلك سواء ليس بشيء، إلا أن ينوي طلاقا فيكون على ما نوى [ ص: 2749 ] ويحلف، وقال أصبغ: وإن لم ينو عددا من الطلاق فذلك يحمل على ثلاث حتى يريد واحدة.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: وبعض هذه الألفاظ أبين من بعض وأشدها قوله: لا سبيل لي عليك، ولا ملك لي عليك، أو لست مني بسبيل، أو أنت سائبة أو مني عتيقة، فأرى أن يحمل فيهن على الطلاق ولا يصدق أنه لم يرد بذلك طلاقا، إلا أن يأتي لذلك بوجه.

                                                                                                                                                                                        وقد قال ابن القاسم في كتاب العتق الأول: إذا قال لعبده: لا سبيل لي عليك أو لا ملك لي عليك، فإن كان ذلك ابتداء من السيد عتق العبد، وإن كان قبل ذلك كلام يستدل به بأنه لم يرد العتق كان القول قوله، وهذا أحسن، وكذلك الطلاق، ويحمل في قوله ذلك على الطلاق إلا أن يكون قبل ذلك سبب يعلم أنه لم يرد به طلاقا.

                                                                                                                                                                                        وأما قوله: لا تكوني لي بامرأة حتى تكون أمه امرأته، فإنه يحتمل أن يريد بذلك أطلقك ولا أبقيك وقد فعلت، فيسأل ما أراد؟ فإن لم تكن له نية بقيت زوجة.

                                                                                                                                                                                        وكذلك قوله: لا تحلين لي، يسأل لم كانت لا تحل له؟ فإن قال: لأني ظاهرتك أو طلقتك، صدق، وإن قال: لم تكن لي نية في شيء من ذلك صدق، وكانت زوجة حلالا; لأنها لا تحرم إلا أن يوقع تحريمها بظهار أو طلاق. [ ص: 2750 ]

                                                                                                                                                                                        وأما قوله: ليس بيني وبينك حلال ولا حرام فهو أشد، وأرى أن يحمل قوله على الطلاق; لأنه إنما يريد أنه لم يبق بيني وبينك شيء من الأشياء، وليس ذلك بمجرد اللفظ; لأن قوله ذلك مستحيل; لأنه لا يجتمع أن تكون ليست بحلال ولا حرام، وإنما هي على وجهين، حلال بالزوجية أو حرام بالطلاق.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية