فصل [في بيع الثمار قبل بدو صلاحها بشرط البقاء]
على ثلاثة أوجه: يمنع في وجهين، ويجوز في وجه، فيمنع إذا شرطا أن المصيبة من المشتري، وسواء كان البيع [ ص: 2897 ] بالنقد أم لا، ويمنع إذا شرطا أن المصيبة من البائع، وكان البيع بالنقد؛ لأنه تارة سلف، وتارة بيع. وبيعها قبل الصلاح على البقاء
ويجوز إذا كانت المصيبة من البائع، والبيع بغير نقد.
والأصل في الأول حديث - رضي الله عنه - قال: أنس وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار قبل أن تزهي»، يريد: إذا بيعت على أن المصيبة على المشتري، فأحب البائع أن يأخذ الثمن بعد أن أجيحت. «أرأيت إن منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟»
وهذا الحديث أصل في كل مبيع لا يتوصل إلى قبضه إلا إلى وقت لا يدرى هل يسلم المبيع إلى ذلك الوقت أم لا؟ لأن البيع على أن المصيبة من المشتري فاسد، ولا يمنع إذا كان بغير نقد، وكانت المصيبة من البائع، لحديث قال: كان الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبايعون الثمار، فإذا جد الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: أصاب الثمر الدمان، أصابه مراض، أصابه قشام -عاهات يحتجون بها- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كثرت عنده الخصومة في ذلك: زيد بن ثابت كالمشورة [ ص: 2898 ] يشير بها عليهم لما كثرت الخصومة، ذكر هذا الحديث «فإما لا، فلا يتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر» البخاري.
وقد تضمن هذا الحديث ثلاث فوائد:
جواز البيع على البقاء بغير نقد إذا كانت المصيبة من البائع، بقول زيد: فإذا جد الناس وحضر تقاضيهم.
فيه دليل أن البيع كان بغير نقد، وأن امتناعهم من النقد عند الجوائح؛ لأنهم كانوا يدخلون على أن المصيبة من البائع، ولولا ذلك لم يكن لاحتجاجهم بالجوائح وجه.
وأن البيع كان قبل بدو الصلاح، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: وقال «لا تتبايعوا حتى يبدو صلاحها». زيد: كان ذلك كالمشورة عليهم.