الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل اختلفت الأحاديث في تجديد الماء لمسح الرأس

                                                                                                                                                                                        اختلفت الأحاديث في تجديد الماء لمسح الرأس، فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البخاري ومسلم أنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه . وذكر "البخاري في باب [ ص: 33 ] غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة أنه لم يجدد الماء لمسح رأسه .

                                                                                                                                                                                        ولم يختلف المذهب أنه يجدد الماء، ويختلف إن هو لم يفعل، ومسح بفضل غسل ذراعيه إذا بقي فيهما من الماء ما يعم به رأسه قياسا على من توضأ بماء قد توضأ به.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون : إذا كان بلحيته بلل وبعد منه الماء فليمسح به .

                                                                                                                                                                                        والأذنان يمسحان ولا يغسلان. واختلف هل مسحهما فرض أو سنة؟ وهذا في أشراف الأذنين ظاهرهما وباطنهما.

                                                                                                                                                                                        فأما الصماخان فسنة قولا واحدا. وقال مالك في " المدونة" : والأذنان من الرأس، يستأنف لهما الماء ، يريد أنهما بعضه، ولهما حكمه في المسح. [ ص: 34 ]

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن مسلمة: مسحهما فرض، وقال عبد الملك بن حبيب: مسحهما سنة .

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول إنهما فرض، إذا لم يمسحهما، فقال محمد بن مسلمة: لا إعادة عليه; لأن المسح لا يستوعب، وهو أصله إذا ترك من الرأس الثلث.

                                                                                                                                                                                        وقال الشيخ أبو بكر الأبهري : لم يوجب مالك الإعادة عليه لأن الخلاف فيهما من وجهين:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: هل من الرأس؟

                                                                                                                                                                                        والثاني: هل يجب إيعابه جميع الرأس؟

                                                                                                                                                                                        وقال أبو جعفر الأبهري: قال قوم من أصحابنا: إن ترك ذلك عمدا أعاد الوضوء، وحملوا قول مالك على النسيان استحبابا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في تجديد الماء لهما، فقال مالك: يستأنف الماء لهما ، وقال محمد بن مسلمة: إن شاء مسحهما مع رأسه . والأحاديث الصحاح تقتضي أنه لم يكن يستأنف الماء لهما ، وأن الصحابة - رضي الله عنهم - الناقلين لحديثهم كانوا يعتقدون أنهما من الرأس، وبعضا من أبعاضه; لأنهم إذا بلغوا في صفة وضوئه - صلى الله عليه وسلم- مسح الرأس قالوا: مسح برأسه وغسل رجليه، وقال عبد الله بن زيد بن عاصم: بدأ من مقدم رأسه حتى بلغ بهما قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه . [ ص: 35 ]

                                                                                                                                                                                        فكان عندهم أن قولهم: " مسح برأسه" يفهم منه أن الأذنين داخلتان في ذلك; وأنهم لا يحتاجون إلى ذكرهما مع تسليمهم أنهما من أعضاء الوضوء وأنهما يمسحان، وهكذا رويت أحاديث الوضوء في الموطأ، والبخاري، ومسلم: لا يذكرون أنه مسح أذنيه.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية