الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في بيع المفلس وشرائه ونكاحه وهبته وعتقه وقضاء دينه ورهنه وإقراره

                                                                                                                                                                                        أفعال من تبين فلسه أو فلس على ثلاثة أوجه جائزة وممنوعة، ومختلف فيها، فالأول بيعه وشراؤه وهبته للثواب ونكاحه وما أشبه ذلك مما يخرج عن المعاوضة جائز قبل الفلس وبعد الفلس والحجر إذا اشترى على أن يقضي من غير ما حجر عليه فيه، فإن باع قبل الحجر بمحاباة ردت المحاباة، وإن باع بعد الحجر بغير محاباة كان بيعه موقوفا على الاختيار ، فإن كان إمضاؤه من حسن النظر أمضي، وإن كان فيه بخس رد، وإن لم يكن مما يراد بمثله المحاباة، وإن شك فيه التمس به الزائد، فإن لم يوجد أمضي، وهذا ما لم يقبض الثمن أو قبضه وكان قائما بيده، وإن أنفقه كان لهم أن يرجعوا في السلعة إلا أن يرضى المشتري أن يدفع الثمن مرة أخرى، وإن اشترى بعد الحجر على المال الذي فلس فيه رد إلا أن يكون فيه فضل ويقر ببيعه إلا أن يرضى البائع أن يباع له ولا يدخل معه الغرماء فيكون بمنزلة مبايعته بعد اقتسام ما في يديه، ونكاحه قبل التفليس وبعده جائز ويفترق الجواب في الصداق، فإن كان العقد قبل الحجر حوصص بالصداق، وإن كان بعد الحجر [ ص: 3154 ] لم يضرب له، وكان صداقها فيما يفيده بعد، وهبته وصدقته وعتقه بتلا أو مؤجلا وتدبيره قبل الحجر وبعده سواء كان ذلك مردودا لأن ذلك معروف، والدين مبدا على معروفه إلا أن يكون في خدمة المعتق إلى أجل، وفيما يجوز بيعه من خدمة المدبر وما يوفي بالعاجز من دينه ويفترق الجواب في إيلاده، فإن كان قبل الحجر لم تبع للغرماء، وإن كان بعد الحجر بيعت بعد الوضع دون ولدها.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الكتابة، فقيل: هي من ناحية العتق، فترد، وقيل: من ناحية البيع العتق فتمضي، وأرى أن ينظر في قيمته مكاتبا فإن كان مثل قيمته رقيقا مضت، وسواء كان قبل الحجر أو بعده; لأنه لا ضرر على الغرماء إلا أن يتعذر بيع المكاتب، وإن كانت قيمته مكاتبا أبخس من قيمته غير مكاتب إلا أنه يوفي بالدين لم ترد، وإن كانت لا توفي ردت إذا كانت بعد الحجر، وإن كانت قبل وكان البخس لتخفيف في الكتابة لما يرجو من الولاء ردت، فإن كانت الكتابة على حسن النظر من السيد، ومن ناحية التجارة لكثرة النجوم مضت بمنزلة من باع سلعته بثمن إلى أجل وكان بيع ذلك الدين إن بيع لا يوفي بالثمن لو بيعت على النقد، فإنه لا يرد، واختلف في [ ص: 3155 ] قضاء دينه ورهنه، واختلف قول مالك في قضائه دينه ورهنه ، فأمضاه مرة ورده أخرى، وجعل للغرماء أن يدخلوا مع القابض والمرتهن فيحاصوه ، وقد تقدم ذلك في كتاب المديان.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية