الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل في التأمين بعد الفاتحة

                                                                                                                                                                                        يؤمن المصلي عند خاتمة الحمد في خمس مواضع، واختلف في سادس: ويؤمن الفذ في صلاة السر والجهر، والمأموم في صلاة السر عند فراغه من قراءة نفسه وفي الجهر عند فراغ الإمام من قراءتها ، ويؤمن الإمام في صلاة السر، واختلف في صلاة الجهر فقال مالك: لا يؤمن . وقال ابن حبيب : يؤمن.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن بكير: هو بالخيار بين أن يؤمن أو يدع.

                                                                                                                                                                                        وقال عبد الوهاب: الأفضل الاجتزاء بتأمين المأموم.

                                                                                                                                                                                        والقول إنه يؤمن أحسن; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أمن الإمام فأمنوا" .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن شهاب : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " آمين" ، وفي الترمذي " أنه - عليه السلام - أمن" . [ ص: 278 ]

                                                                                                                                                                                        والقول أن المعنى في الحديث: " إذا أمن الإمام فأمنوا" أي: إذا قال الإمام: ولا الضالين [الفاتحة: 7]; لأنه دعاء، ولأن هارون - عليه السلام - كان يؤمن، فقال الله -عز وجل-: قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما [يونس: 89] وهذا غير صحيح; لأنه لا يقال لمن دعا ولم يكن في دعائه تأمين فقال: " اللهم اغفر لي، اللهم ارزقني" فلا يقال: إنه أمن، فكل مؤمن داع، وليس كل داع مؤمنا، حتى يكون في دعائه آمين.

                                                                                                                                                                                        واستحب للإمام أن يجهر به ليقتدي به من خلفه; للحديث: " إذا أمن الإمام فأمنوا" وإذا رفع من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد إن كان فذا، وإن كان إماما قال: سمع الله لمن حمده، ويقول من خلفه: ربنا ولك الحمد.

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يقول ذلك الإمام، فمنع ذلك مالك مرة ، وأجازه في مختصر ما ليس في المختصر، وقاله ابن نافع وعيسى بن دينار عن ابن مزين ، وهو أحسن; لحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: " سمع الله لمن [ ص: 279 ] حمده، ربنا ولك الحمد" .

                                                                                                                                                                                        وفي سماع ابن وهب عن مالك قال: أحب للمأموم ألا يجهر بالتكبير وبـ" ربنا ولك الحمد" ، ولو جهر بذلك جهرا يسمع من يليه فلا بأس .

                                                                                                                                                                                        ولم يذكر في الإمام شيئا، والشأن أن يجهر بذلك وبالتكبير; فيقتدي به من خلفه في الركوع والسجود.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية