الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        واختلف في صفة جلوسه في موضع القراءة، فقال في الكتاب : تربعا .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم: بلغني عن كبار أهل العلم وخيارهم أنهم إذا صلوا جلوسا يتوركون ويثنون أرجلهم على نحو الجلوس بين السجدتين.

                                                                                                                                                                                        وذكر عن محمد بن المنكدر وابن أبي حازم وربيعة أنهم كانوا يفعلون مثل ذلك إذا صلوا النفل. [ ص: 306 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: وهذا أحسن; وهي الجلسة التي رضيها الله لعباده، وهي أقرب إلى التواضع، وهي جلسة الأدنى بين يدي من فوقه، والتربع جلسة الأكفاء. وإذا لم يستطع المريض الصلاة جالسا إلا مستندا جاز ذلك; قال مالك: ولا يستند لجنب ولا لحائض . لأنهما -عنده- في حكم النجس، ولذلك منعا المسجد.

                                                                                                                                                                                        وروي عن ابن القاسم إن أمسكته الحائض أعاد في الوقت . بمنزلة من صلى بنجاسة، ويجوز ذلك على قول محمد بن مسلمة; لأنهما عنده في حكم الطاهر، وأجاز لهما دخول المسجد، واستشهد لذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " المؤمن لا ينجس" .

                                                                                                                                                                                        وإن لم يستطع فمضطجعا، واختلف هل يبتدئ بالجنب أو بالظهر، فقال في المدونة: يصلي على قدر ما يطيق من قعود، فإن لم يستطع فعلى جنبه أو على ظهره .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن المواز: يبتدئ بالجنب الأيمن، فإن لم يستطع فبالأيسر، فإن لم يستطع فعلى ظهره يجعل رجليه إلى القبلة ورأسه إلى الشمال، وهو قول مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ في كتاب ابن حبيب، وقال سحنون: يصلي على جنبه كما يجعل في لحده. فإن لم يقدر فعلى ظهره. قال ابن [ ص: 307 ] حبيب: قال ابن القاسم: يبتدئ بالظهر قبل الجنب .

                                                                                                                                                                                        قال: وهو وهم. واستشهد من قال: يبتدئ بالجنب بقوله سبحانه: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم [النساء: 103]. قال: ذلك في المريض والخائف، وجعل المعنى في قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة [النساء: 103] أي: إذا أردتم أن تقضوا الصلاة. لأنه يصح أن يؤتى بلفظ الماضي، والمراد به المستقبل.

                                                                                                                                                                                        وقيل: المعنى: فإذا فرغتم من الصلاة فاذكروا الله باللسان، وهو قول السدي، وهو ظاهر قول الحسن.

                                                                                                                                                                                        وحمل قوله سبحانه: فإذا قضيتم الصلاة [النساء: 103] على الماضي وعلى الذكر باللسان، وهو الحقيقة في الموضعين من الآية.

                                                                                                                                                                                        وقد ورد القرآن أن تعقب الطاعة بالذكر في الحج والصوم والصلاة ، والآية محتملة للوجهين جميعا، وإذا كان ذلك - سقط الاحتجاج بها على قول ابن القاسم، ولم يحمل قوله على الوهم، بل هو أشبه باستقبال القبلة.

                                                                                                                                                                                        ولا يحتج على هذا بوضع الميت في قبره; لأنه انقطع عمله، وإنما يضطجع [ ص: 308 ] ضجعة النائم، إلا أنه يستحب له أن يكون على جنبه الأيمن.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية