الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في شرط المحبس أن يصلح المحبس عليه الحبس أو ينفق عليه]

                                                                                                                                                                                        وإن حبس دارا وشرط على المحبس عليه أن يرمها إن احتاجت إلى إصلاح لم يصلح ذلك ابتداء، وقال ابن القاسم: وذلك كراء وليس بحبس، واختلف إذا نزل فقال في المدونة: مرمتها من غلتها، وأجاز الحبس وأسقط الشرط .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: يرد الحبس ما لم يقبض، قال: ولو اشترط أن يرم ما اشترى منها بقدر كرائها جاز .

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن أعطى فرسا، وقال: تحبسه سنة ولا تركبه ثم هو لك ملك، أو قال: يكون في يديك حبسا تغزو عليه، أو قال: تحبسه سنة وتغزو عليه، ثم هو لك ملك، فقال مالك في مختصر ابن عبد الحكم: من أعطى رجلا فرسا ينفق عليه سنة، فإذا انقضت فهو له، قال: غير ذلك من الشرط أفضل، فإن وقع جاز، وقال ابن القاسم: إن لم يفت الأجل، فإن أحب أسقط الشرط وبتله له، ويدفع إليه ما أنفق، ويأخذ فرسه، وإن فات الأجل كان للذي بتل له بغير قيمة، ولم يجعل له بيعا ; لأن المالك لم يشترط لنفسه شيئا [ ص: 3446 ] يأخذه، وإنما قال: تأخذه لنفسك ملكا، وتنفق على ملكك وشرط ألا يعجل الانتفاع به لأمر رأى أن فيه صلاحا للفرس أو لغير ذلك من الوجوه، وعلى هذا يجري الجواب إذا قال: تحبسه سنة، ثم يكون بعد السنة بيدك حبسا تغزو عليه، وإن كان هذا أثقل.

                                                                                                                                                                                        واختلف في القسم الثالث، فروى ابن القاسم عن مالك فيه الكراهة . وعلى قوله في المختصر إذا نزل مضى، وقال أشهب: ذلك جائز، وهذا أخف.

                                                                                                                                                                                        ولو قال رجل خذ هذا الفرس، تركبه سنة ثم هو لفلان بتلا، فترك المعار عاريته لصاحب البتل جاز ، وقال مطرف وابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: من أخدم عبده رجلا عشر سنين ثم هو له بتلا، أو أخدمه ثم قال ذلك بعد الإخدام، فذلك سواء قد صار له يصنع به الآن ما شاء، وقال أصبغ: إن جمع له الآن ذلك معا فهو كالمحبس إلى الأجل . وهذا أصوب لأنها هبة ومعروف، فلا تغير عن الشرط الذي شرط المالك فيها، وكذلك إذا كانا عقدين، وقال: لا يتصرف فيها بالملك إلا بعد الأجل، وإن قال بعد الإخدام هو لك، ولم يزد كان له من الآن يصنع به ما شاء. [ ص: 3447 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية