باب في من وهب صوف غنمه أو لبنها ، أو ما في بطنها ، أو ما في بطن أمته أو ما تحمل به بعد
الهبة في جميع ذلك جائزة ، ويراعى أربعة : صفة الحوز ، ومتى يجبر الواهب على التحويز ، وعلى من الرعي ، وهل تحمل الهبة على هبة عام ، فإن وهب صوف غنمه وسلم الرقاب كان حوزا ، وإن كانت الهبة بإثر الجزاز; لأن الصوف موجود الآن ، فإن كان يتزيد إليه شيء آخر ، فإن نما وتم أخذ ذلك الموجود يوم الهبة مع ما انضاف إليه ، فحاز الرقاب كان حوزا لما فيها ولما يأتي بعد . وإن وهب لبن غنمه وفيها لبن
واختلف إذا لم يكن فيها لبن ، فقيل : يجزئ لأن الواهب قد رفع يده عن تلك الرقاب ، وهو أكثر ما يقدر عليه الآن . وقيل : ليس بحوز; لأن الموهوب غير موجود . وقال حوز الرقاب; : إن وهب ما في بطن جاريته أو شاته فحوز الأمهات حوز للولد . ابن القاسم
وقال : لا يكون حوزا إلا أن يقبض الولد بعد الخروج . قال : ألا ترى [ ص: 3506 ] أن العتق فيه ليس بحوز وقد تباع أمه في دين يستحدثه . أشهب
والأول أحسن; لأن الولد مقبوض ، ولو استحدث دينا بعد قبض الأمهات لم يبع في دينه ، ولأنه أكثر ما يقدر عليه .
وقد قال في العبد المغصوب : يوهب إنه حوز بالقبول لما كان أكثر ما يقدر عليه . أشهب
ويختلف أيضا إذا وهب ما تحمل أمته أو شاته في المستقبل ، ، فإن وهب كل ولد تلده فقبض الأصول وفيها ولد كان حوزا لذلك الحمل وما تحمل به بعد ذلك ، وكذلك إن قبضها فحملت بعد القبض ثم مات الواهب كان قبضه قبضا لذلك الولد ولكل ولد تلده فيما بعد ، قياسا على هبة الثمار والألبان إذا وهبت سنين أن ذلك حوز للموجود ولما يأتي بعد ، ويجبر على التحويز إذا كان الحمل أو اللبن موجودا وظهرت الثمرة . قاله قياسا على من وهب ثمارا أو لبنا لم يكن محاز الأصول في الثمرة والزرع ، وقاله في كتاب ابن القاسم محمد في هبة حمل الجواري والغنم ، فيجبر في هبة اللبن على أن يسلم الغنم للموهوب له وفي هبة ما في بطون الجواري والغنم على أن يجعلها على يد ثقة [ ص: 3507 ] حتى تضع ، وليس للموهوب له أن يقول : تكون على يدي . لأن حاجته إليها مرة في وقت واحد ، وهو في الإماء آكد لأنه لا يخلو بهن ، واللبن يحتاج إليه كل يوم ، وكذلك الثمار ، توضع الأصول على يدي ثقة ، فإذا جاء وقت الانتفاع بها أخذ هبته .
وله أن يأخذ ما سقط منها من بلح أو غيره ، وإن لم يكن حمل ولا لبن ولا ظهرت الثمرة لم يجبر الواهب على تحويز الرقاب .