الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب [في الوصية لغير عدل ، وفي وصية الأم ، والجد ، والأخ ، والوصية إلى الغائب ، وفي تصرف الوصي في مال الميت ، وما يوجب عزلته ، وهل للوصي أن يقيم غيره مكانه عند السفر والمرض والموت؟]

                                                                                                                                                                                        ولا تجوز الوصية بمال اليتامى إلا إلى عدل قيم بما يسند إليه من ذلك ، وكذلك إن جعله وصيا على قضاء دين أو اقتضائه خيفة أن يدعي غير العدل الضياع قبل القضاء وبعد الاقتضاء ، فإن فعل وادعى الضياع لم يصدق وغرم إذا كان غير مأمون ولأن المال بنفس الموت ملك للوارث والوصي كالوكيل على ذلك ، وإذا لم يحسن النظر رد فعله . ولا تجوزالوصية لذمي يهودي أو نصراني لعدم العدالة ، ولأنه غير ناصح للمسلم .

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم في العتبية : إلا أن يكون أبوه أو أخوه نصرانيا ، فلا بأس ، يصل بذلك رحمه . قال في بعض مجالسه : ولا يلي عقد نكاح البنات وليوكل بذلك مسلما . وأجازه أيضا إلى زوجته النصرانية وهذا إذا كان الموصى إليه معروفا بالأمانة والوفاء ، فإذا اجتمع ذلك مع القربى لم يخش على الولد ضيعة في مال ولا نفس .

                                                                                                                                                                                        وتجوز الوصية للعبد إذا كان مأمونا على ما أقيم له غير عاجز ، وسواء كان [ ص: 3566 ] ملكا للميت أو لأجنبي إذا رضي سيده ، وكان السيد ممن لا يخاف أن يغلب على ما في يدي عبده .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد : فإن ظعن به سيده أو مشتريه من سيده جعل السلطان وصيا غيره . وهذا خلاف المعروف من قوله ، والمعروف في هذا الأصل أن للعبد أن يقيم مكانه عند سفره أو غيره من غير حاجة إلى سلطان ، ولا فرق في ذلك بين حر أو عبد ، وإن رضي المشتري أن يبقيه على الوصية جاز ، وإن أوصى الميت ببنيه الصغار إلى عبده فدعا الكبار إلى البيع فإن رضوا ببيع أنصبائهم خاصة جاز وبقي العبد على حاله في الوصية ، وإن دعوا إلى بيع الجميع; لأن في بيع أنصبائهم بانفرادها بخسا كان ذلك لهم على قول مالك ، إلا أن يرى أن أخذ بقيته حسن نظر أو يدفع إلى الشركاء قدر ذلك البخس ، فلا يباع على الصغار أنصباؤهم .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية