الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا أوصى بأكثر من ثلثه فأجاز الوارث وكان على الوارث دين]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أوصى الأب بأكثر من ثلثه ، فأجاز الابن وعليه دين ، فقال ابن القاسم : للغرماء أن يردوا ذلك . وقال ابن القصار : إذا أجاز الوارث ما [ ص: 3698 ] أوصى به الميت من الزيادة على الثلث أو الوصية للوارث ، كان ذلك تنفيذا لفعل الميت ، ولم يكن ذلك ابتداء عطية من الوارث والأول أحسن; لأن الزيادة على الثلث ملك للوارث ، ولم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للميت من تركته إلا الثلث ، وإذا كان ذلك كانت الزيادة عطية من الوارث ، وهو أصل أشهب في كتاب محمد .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أجاز الوارث ولا دين عليه ، فلم يقبض ذلك الموصى له حتى استدان الوارث أو مات ، فقال ابن القاسم : غرماء الولد وورثته أحق بها; لأنها هبة منه ، ولم تحز عنه . وقال أشهب : يبدى بوصية الأب قبل دين الابن . والأول أحسن; لأنها هبة منه ، فإذا لم تجز عنه حتى فلس سقطت ، وإن اعترف الابن بدين على أبيه ، أو بوديعة أنها لفلان عنده ، والمقر له حاضر ، جاز إقراره ، وإن أنكر ذلك غرماء الابن ، قال ابن القاسم : ويحلف المقر له إذا كان إقرار الابن قبل أن يقوم عليه غرماؤه . ولا مقال لغرماء الابن في ذلك .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا أقر أن أباه أوصى لفلان بوصية ، فقال ابن القاسم : يجوز إقراره ولا مقال لغرماء الابن في ذلك . وقال أشهب : لا يجوز إقراره ، ولا [ ص: 3699 ] شهادته أن أباه أوصى بعتق ، ولا بوصية إذا لم يصدقه غرماؤه ، كما لو فعل هو ذلك في ماله . قال : وليس بمنزلة إقراره على أبيه بالدين; لأنه لو أقر بذلك على نفسه للزمه . وقول ابن القاسم أحسن; لأنه لم يصنع معروفا ، فيرد فعله ، وإنما اعترف أن أباه أبقى الثلث لنفسه ، ووصى فيه بوصايا ، وهذا مما يفعله الموتى ولا يتهم الابن في ذلك .

                                                                                                                                                                                        تم كتاب الوصايا الثاني

                                                                                                                                                                                        والحمد لله تعالى [ ص: 3700 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 3701 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية