الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب إذا أوصى بأكثر من ثلثه ، فأجاز الوارث ثم رجع بعد موته ، وكيف إذا كان على الوارث دين فأجاز وصيته إليه بأكثر من ثلثه ، أو أقر أن على أبيه دينا ، أو عنده وديعة ، أو أوصى بوصية

                                                                                                                                                                                        وإذا أوصى المريض بأكثر من ثلثه ، فأجاز الوارث في حياته ثم رجع بعد موته ، فإنه لا يخلو الوارث من أن يكون ولدا ، أو عاصبا ، أو زوجة ، فإن كان ولدا أو عاصبا رشيدا وليس في نفقة الميت ، لزمه ذلك ، ولم يكن له أن يرجع ، وسواء كانت إجازته بالطوع منهم أو بعد أن استأذنهم ، وكذلك إن كان رشيدا في نفقته أو في رفقة فأجاز قبل أن يستأذنهم ، وإن كانت الإجازة بعد أن استأذنه فقال بعد ذلك : أجزت خيفة أن يصح فيقطع عني معروفه- حلف على ذلك ولم تلزمه الإجازة . [ ص: 3696 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف في الزوجة فقال مالك : لها أن ترجع .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في كتاب محمد : ليس كل زوجة لها أن ترجع ، رب زوجة لا ترهب منعه ولا تهاب ذلك ، فهذه لا ترجع قال : وكذلك الابن الكبير يكون في عيال أبيه وهو غير سفيه ، فلا رجوع له إذا كان ممن لا يخدع ، وقوله في الزوجة حسن ، فأما الولد فالقول الأول أصوب ، إلا أن يعلم أنه كان في حياة الأب ، لا يرهبه ، وأنه كان لا يتكلف النفقة عليه والولد على وجه الاستعلاء وقلة الخضوع ، وإن كان الولد صغيرا أو كبيرا سفيها موليا عليه ، لم تجز إجازته وإن لم يكن في نفقته ، ويختلف إذا كان غير مولى عليه ، فمن أجاز هباته أمضى إجازته .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا استأذن الأب ولده الرشيد عند سفره فأجاز ، فقال محمد : لا يلزمه ذلك . وقاله ابن وهب في العتبية ، وقال ابن القاسم : هو كالمريض .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في الموطأ : إن أذن الورثة للصحيح أن يوصي بأكثر من ثلثه ، لم يلزمهم; لأنهم أذنوا في وقت لا منع لهم . وفي كتاب الصدقة من كتاب محمد فيمن قال : ما أرث من فلان صدقة عليك ، وفلان صحيح قال : يلزمه ذلك إذا كان في غير يمين ، والأول أشهر ، وهذا أقيس; لأنه التزم ذلك بشرط الملك ، [ ص: 3697 ] فأشبه من أوجب الصدقة بما يملك إلى أجل أو في بلد سماه ، أو بعتق ذلك ، أو بطلاق ما يتزوج فيه .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في العتبية في مريض أوصى بجميع ماله وليس له وارث إلا ابن مريض فأجاز الابن وصيته ، وقال الابن : ثلث مالي صدقة على فلان ، ولا مال له إلا ما خلفه أبوه ، وهو ثلاثمائة دينار . قال : يبدى بوصية الأب مائة دينار ، ثم يتحاص من وصى له الأب ، ومن وصى له الابن يضرب الأول بمائتين ، والآخر بثلث المائتين . يريد ، فيتحاصان في ثلث المائتين إن أرباعا; لأن المائتين تصير بموت الأب مالا للابن ، وهو جميع ماله ، ووصى بجميعه لرجل ، وبثلثه لآخر ووصيته ترجع إلى ثلثه ، والفريضة تخرج من ثمانية عشر ، فيأخذ من وصى له الأب ثلثها ، وهو ستة ، وتبقى اثنا عشر وهو ميراث الابن ، يخرج ثلثها للموصى له ، وهي أربعة ، ولمن وصى له الأب منها ثلاثة أسهم ، وللآخر سهم .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية