فصل [في حكم التقويم في حالة غيبة من يعنى به من معتق أو عبد أو شريك . . ]
التقويم يجب إذا كان المعتق والعبد والمال والشريك حضورا ، وإن كان أحد ذلك غائبا قريب الغيبة أخر التقويم حتى يعذر إلى المعتق إن كان هو الغائب أو يحضر العبد أو المال الذي يقوم فيه ويكاتب الشريك الذي لم يعتق [ ص: 3788 ] إن كان هو الغائب فيعتق أو يقوم . ويفترق الجواب إذا بعدت الغيبة ، فإن غاب السيد بعدما أعتق ، وعلمت حياته وخلف يسيرا قوم ، وإن غاب العبد أخر التقويم حتى يقدم ، فإن كان المال هو الغائب لم يقوم ولم يمنع الشريك من البيع .
ويختلف إذا قدم المال هل ينقض البيع وألا ينقض البيع أحسن ، وإن غاب الشريك الذي لم يعتق قوم العبد وأكمل له العتق ولا مقال للغائب إن قدم فقال : أنا أعتق ولا أقوم ، وإن فلس المعتق بيع للغرماء ولم يستكمل العتق .
واختلف إذا مات المعتق ، فقال في المدونة : لا يستكمل إذا لم يعلم إلا بعد موته ، قال مالك في كتاب ابنه : وهذا قول أصحابنا ولو مات مكانه أو أفلس . يريد : بفور العتق . سحنون
وروى مطرف عن وابن الماجشون في كتاب مالك : إذا كان جميع العبد له وأعتق بعضه في صحته فإن غافصه الموت أعتق عليه بقيته وإلا لم يعتق منه إلا ما أعتق إلا أن يقام عليه في المرض . فأجريا حكم الاستكمال حكم الهبات أنها إن حيزت في الحياة صحت ، وإن لم تحز وفرط الموهوب في القبض سقطت ، وإن لم يفرط كان فيها قولان ، وكذلك الاستكمال إن استكمل في الصحة كان كالحوز في الهبة ، وإن لم يستكمل وكان تفريطا لم يستكمل . ابن حبيب
واختلف أيضا ، فقال [ ص: 3789 ] إذا أعتق شركا له في عبد ، ولم يقوم عليه حتى مات في كتاب مالك محمد : إن مات بحدثان ذلك قوم عليه ، وعتق من رأس ماله ، ولا يقوم في ثلثه ، قال : وذلك بخلاف إذا كان جميعه له ، فلم يعلم به حتى مات أنه لا يستكمل عليه ، وإن مات بحدثان عتقه . أشهب
واختلف أيضا إذا قيم عليه في المرض ، فقال مالك في المدونة : يعتق الباقي في ثلثه ، وإن لم يعلم بذلك حتى مات لم يعتق منه إلا ما كان عتق . قال وابن القاسم : وقال بعض الرواة : إذا لم يستكمل عليه نصيب صاحبه حتى مرض لم يستكمل وبقي الباقي رقيقا ، وسواء كان جميعه له أو كان شركة بينه وبين غيره . سحنون
قال في المبسوط : المرض والموت في هذا سواء ولا يجعل في ثلثه قال : وإنما يكون في ثلثه ما أحدثه في المرض . وأما إذا كان في الصحة وجاء المرض وفرط في ذلك شريكه صار بمنزلة من وهب أو تصدق على صحيح فلم يقبض ذلك حتى مرض ، فلا يقبل ذلك بعد المرض إلا أن يصح ، وإن مات بطلت وكذلك العتق . عبد الملك بن الماجشون
قال الشيخ : إن تراخى الاستكمال عن العتق حتى مرض لم يعتق الباقي من رأس المال . [ ص: 3790 ]
واختلف هل يكون في الثلث ، وإن كان المرض بعد العتق كان في الاستكمال ثلاثة أقوال؟ هل يكون في الثلث ، أو من رأس المال ، أو ساقطا لا يكون في الثلث ولا رأس المال؟ فعلى قول عند مالك : يعتق من رأس المال ، وسواء كان العتق في عبد جميعه له أو شركة بينه وبين غيره ، وعلى قول ابن حبيب يستكمل من رأس المال إذا كان شركة بخلاف أن يكون جميعه له ، وعلى قول الغير في المدونة : لا يعتق من ثلث ولا من رأس مال . أشهب
قال : واختلف فيما يصنع في نصيب الشريك في حال المرض ، فقال أصبغ في كتاب محمد : يحكم بالاستكمال ويوقف المال لحياته أو موته وينفذ الحكم عليه في ذلك إن صح لزمته تلك القيمة ، وإن مات أخرجت تلك القيمة من ثلثه أو ما حمل الثلث وهذا على الوصايا وما أعتق أولا فمن رأس المال فيعتق بما بقي منه قدر ما يكون عليه من ثلث ربعه أو ثلثه أو ما كان من ذلك ويرق ما بقي وينفذ الحكم بذلك ، فإن صح مضى عتقه ، وإن مات أخرجت تلك القيمة من ثلثه مبداة على جميع الوصايا .
وقال : لا يقوم ولكن يوقف أبدا ، وإن طال مرضه وأضر بأشراكه حتى يموت فيعتق من ثلثه ، أو يصح فمن رأس ماله إلا أن يعتق الشريك . [ ص: 3791 ] عبد الله بن عبد الحكم
وقال في المبسوط : الشريك مخير بين أن يقوم ويدفع القيمة إلى الشريك ويكون العبد بيد المريض فيعتق في ثلثه أو ما حمل الثلث منه أو لا يقوم; لأنه لا يدري أيعتق أم لا؟ ولكن لا يبيعه فإن أعتق شقصا منه في مرضه وعلم بذلك في مرضه حكم عليه بالاستكمال وبقي الأمر فيه موقوفا ، فإن صح كان من رأس المال ، وإن مات كان في الثلث . عبد الملك بن الماجشون
وقال في كتاب ابن الماجشون : إذا أعتق حصته منه في مرضه بتلا فلا يقوم عليه بقيته حتى ينظر أيصح أم يموت؟ فإن صح قوم عليه نصيب صاحبه ، وإن مات لم يقوم عليه نصيب صاحبه ، وإن حمله الثلث من قبل أن التقويم لا يلزم إلا في عبد يمضي إلى حرية ناجزة أو إلى أجل قريب لا يردها دين ، وهذا يرده كالدين إلا أن تكون له أموال مأمونة فيقوم حينئذ ويعجل العتق مكانه قبل أن يموت ، وإن أوصى بعتق بعض عبد لبعد الموت لم يقوم كانت له أموال مأمونة أم لا؟ قال ابن حبيب في المبسوط : لأن ماله قد صار لغيره ، فكيف يعتق ما بقي من العبد على قوم آخرين ليسوا [ ص: 3792 ] هم الذين ولوا عتاقته إلا أن يوصي بعتق ما بقي منه في ماله ، فإن ذلك لازم لشركائه ، وإن أبوا . وحكى مالك قولا آخر إنه يستكمل في ثلثه وإن لم يوص بذلك . ابن الجلاب