الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب إذا قال لأمته : أول ولد تلديه فهو حر ، أو أول بطن ، أو أنت حرة إن ولدت جارية

                                                                                                                                                                                        وإن قال : أول ولد تلديه فهو حر فولدت توأما ، كان الأول منهما حرا ، وإن ولدت الأول ميتا كان الثاني رقيقا . وقال ابن شهاب : يكون عتيقا .

                                                                                                                                                                                        والقول الأول أحسن; لأنه قال : أول ، وليس يقع على الثاني أول ، ولأنه لا يتحسس أن يكون الثاني ميتا أو حيا ، ولو ولدت في عامين وكان الذي ولدت في العام الأول ميتا لم يعتق ما ولدت في العام الثاني .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانا حيين ، ولم يدر أيهما أول ، فقال مالك في كتاب محمد : يعتقان جميعا وشهادة النساء في ذلك جائزة .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم : يعتق من كل واحد نصفه ثم يستتم الباقي منهما بالسنة .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : قول مالك أحسن وهو بمنزلة شاتين إحداهما ذكية والأخرى غير ذكية ، وبمنزلة من طلق إحدى امرأتيه ثم نسيها ، فإنه يحرم أكل الشاتين ، وأن يتمسك بواحدة من المرأتين ، ولا أعلم للقول إنه يعتق من [ ص: 3824 ] كل واحد منهما نصفه وجها; لأن العتق في واحد ، وإذا كان أحدهما حرا لم يقسم تلك الحرية في كل نصف .

                                                                                                                                                                                        وإن قال : أول بطن تلديه حر فولدت توأما عتقا جميعا . قال ابن شعبان : ولا ينوى . يريد : أنه لا ينوي أنه أراد واحدا ، وأرى أن ينوى إذا قال : أردت بقولي أول بطن أول ولد ، ويكون الثاني رقيقا; لأن الغالب ولادة واحدة ولا يعتق عليه اثنان .

                                                                                                                                                                                        وإن قال : إن ولدت غلاما فأنت حرة . فولدت غلامين ، كان الأول منهما رقيقا وهي والمولود الثاني عتيقان ، وإن ولدت جارية ثم غلاما كانا رقيقين وهي حرة ، وإن ولدت غلاما ثم جارية كان الغلام رقيقا وهي والجارية حرتان ، وإن لم يعلم أيهما ولدت أولا وإن كانا غلامين جرى فيهما الخلاف المتقدم ، وإن كانا غلاما وجارية رق الغلام ، ويختلف في الجارية; [ ص: 3825 ] فعلى قول أصبغ تعتق ولا تسترق بالشك ، وعلى القول الآخر يعتق نصفها .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية