الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في بيع المدبر في حياة سيده]

                                                                                                                                                                                        وإذا بيع المدبر في حياة سيده رد بيعه إذا كان قائما قولا واحدا .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا فات بعيب أو بموت أو عتق أو كانت أمة فحملت من [ ص: 3931 ] المشتري فرأى مالك مرة أن البيع لا ينعقد ، وأن الولاء قد ثبت للبائع ، وما حدث من عيب أو موت فهو من البائع ، ويرد العتق ، وكذلك إن ولدت ترد إلى البائع ويرجع المشتري بجميع الثمن .

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يكون على المشتري قيمة الولد إذا غره ولم يعلمه أنها مدبرة؟ وألا شيء عليه أحسن; لأنه أوطأه إياها .

                                                                                                                                                                                        ورأى مرة أنه في ضمان مشتريه وأن البيع منعقد حتى ينقضي ، فإن حدث به العيب رده وما نقصه العيب ، وإن مات كان من مشتريه ، ولا يرد عتقه ولا إيلاده ، والولاء للمشتري ، قال مالك في كتاب محمد : ولا حجة للمشتري على البائع علم المشتري أنه مدبر أو لم يعلم .

                                                                                                                                                                                        قال : ولقد أجاز ناس بيع المدبر في الدين في حياة سيده- أهل مكة وغيرهم ، والأول هو قياد قوله في منع البيع ، والقول الآخر في ضمان [ ص: 3932 ] المشتري ، وفوته بالموت والعتق فمراعاة لقول من أجاز بيعه ، فهو يرده إذا كان قائما على أصله في المنع ، فإن فات مضى على القول الآخر .

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول أنه إذا فات من المشتري فيما يصنع البائع بالثمن ، فقال في المدونة : إذا فات بموت كان له من الثمن ما يرى أنه كان يباع به على رجاء العتق وخوف الرق . يريد : رجاء العتق إن حمله الثلث ، وخوف الرق إن كان عليه دين ، وما فضل جعله في رقبة يدبرها أو يعين به في رقبته إن لم يبلغ رقبة كاملة ، وإن كان فوته بعتق أو إيلاد أو قتل كان له جميع الثمن يصنع به ما شاء .

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في العتبية : إذا فات بموت جعل ما بين القيمتين في عبد من غير قضاء ، وقال في موضع آخر : يرد ذلك الفضل على المشتري . وقال أشهب في الدمياطية : يجعل الثمن كله في رقبة ، وظاهر قوله أن ذلك بغير قضاء . وقال ابن كنانة في كتاب المدنيين : إذا فات بعتق جعل الثمن في مثله . وقاله ابن وهب في كتاب ابن شعبان ، وكل هذا الاضطراب مراعاة للاختلاف في جواز بيعه ابتداء .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ رحمه الله تعالى : والصواب أحد أمرين ، فإما أن يقال : إن [ ص: 3933 ] الولاء قد ثبت ، وإن البيع ممنوع ، على مثل الحكم في أم الولد إذا بيعت أو يقال : إن الولاء لم يثبت فيمضي في جميع هذه الوجوه بالثمن ، ثم يكون للبائع أن يصنع بالثمن ما أحب .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية