الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في بيع أم الولد

                                                                                                                                                                                        بيع أم الولد غير جائز، فإن بيعت نقض فيها البيع، وإن فاتت عند المشتري بموت كانت مصيبتها من البائع، وإن أحدث فيها المشتري عتقا أو كتابة أو تدبيرا -نقض جميع ذلك ورجع المشتري على البائع بالثمن، وكذلك إذا أولدها المشتري لم يفتها الإيلاد، فإن كان المشتري عالما أنها أم ولد البائع غرم قيمة الولد.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا غره وكتمه أنها أم ولد، فقال ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب: عليه قيمة الولد كالأول. وقال مطرف: لا شيء عليه؛ لأنه أباحه إياها. وهذا أحسن؛ لأن الغرور من الواطئ غرور من الولد، والظاهر من المذهب إذا نقض البيع في أم الولد أنه لا شيء على البائع من نفقة المشتري التي أنفقها عليها، ولا له من قيمة خدمتها. وقال سحنون: يرجع عليه بالنفقة. يريد: ويرجع هو بالخدمة.

                                                                                                                                                                                        قال في التي تزوجت على عبد ثم استحق أنه حر، وفي الذي يغر من الأمة فيزوجها، والولي يغر من وليته، وبها عيب ترد به فيردها به، والذي يشتري الصغير فيكبر فينفق عليه، ثم يعلم أنه حر قال: لم أسمع في النفقة شيئا ثم قال، لعلهم لم يسألوا عن النفقة. [ ص: 4057 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ: والصواب في أم الولد ألا يرجع السيد على المشتري بالخدمة، ولا يرجع هو بنفقته، وليست هي في ذلك بمنزلة الحرة؛ لأن هذه في وقت الاستخدام في حال الرق، ولو أن السيد أجرها وفات ذلك لم ترد، وكانت الإجارة للسيد.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في الذي يستحق بحرية، فقال ابن القاسم في العتبية: لا شيء على المشتري من خراجه. وإذا لم يغرم الخراج لم يرجع بالنفقة.

                                                                                                                                                                                        وقال المغيرة: يرجع بالخراج. لأنه غير مضمون، وإنما جاء الحديث: "الخراج بالضمان"، والحر غير مضمون.

                                                                                                                                                                                        وإذا رد البيع في أم الولد تحفظ منه عليها، لئلا يعود إلى بيعها، ولا يمكن من السفر بها، وإن خيف عليها ولم يمكن التحفظ منه أعتقت عليه، قياسا على قول مالك في المبسوط في الذي يبيع زوجته أن بيعها لا يكون طلاقا، قال: ويطلق عليه إذا خيف منه أن يعود لمثل ذلك، وإن غاب بها المشتري ولم يعلم حيث هو -تصدق بالثمن عن البائع، بمنزلة مال لا مالك له. [ ص: 4058 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية