الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا وقع البيع على التفرقة بغير رضا الأم]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا وقع البيع على التفرقة من غير رضى الأم، وبيعت الأم وحدها أو الولد، فقيل: البيع صحيح ويتعلق به حق لآدمي. وقيل: البيع فاسد يتعلق به حق لله تعالى.

                                                                                                                                                                                        وأرى إن كان المتبايعان عالمين أنهما مطالبان بالجمع، أن يكون فاسدا؛ لأن المشتري دخل على أنه متعذر الملك يوم اشتراه، ومأخوذ ببيعه من البائع، أو يشتري منه الأم، أو يبيعاه جميعا، أو يرد البيع فيكون الثمن سلفا، وجميع هذه [ ص: 4326 ] الوجوه توجب الفساد، فينقض البيع إن لم يفت، وإن فات بحوالة أسواق فما فوق مضى بالقيمة، وهو قول مالك، وابن عبدوس في القيمة، ثم يجبران على الجمع، وإن كان أحدهما أعلم بالحكم، جرى على الخلاف في علم أحد المتبايعين بالفساد وإن كانا لا يعلمان أنهما مطالبان بالجمع كان بيعا صحيحا، يتعلق به حق البائع أو المشتري، فالمشتري يقول: اشتريت ما يرى أنه يتقرر ملكي عليه، وإذا كنت مجبورا على أن أبيعه من البائع، أو أجنبي أو أشتري الأم وأنا غير راغب فيها، كان ذلك عيبا علي في شرائي، والبائع يقول: بعت الولد وأنا أظن أن بيعه يصح، فإذا كنت مأمورا بأن أبيع ما بقي في يدي من المشتري أو أجنبي، كان ذلك عيبا علي، فله أن يأبى من ذلك وإن رضي المشتري بالجمع. وإن فات الولد في يد المشتري بعيب، كان الخيار للمشتري دون البائع، فإن أحبها أمسك ورجع بقيمة عيب الجمع، يقال: بكم قيمة هذا؟ على أن المشتري مطالب بالجمع، وعلى أنه مطالب بذلك أن لو كان يجوز البيع، فيسقط من الثمن عن المشتري ما بين القيمتين، ثم يجمعان، وإن أحب أن يرده ويرد قيمة العيب الحادث، على أن العيب فيها بالتقويم، وعلى البائع أن يقوم لحقه في العيب، ما لم يفت الولد بعيب، ومثله إذا دخلا على الوجه الفاسد، وفات البيع بحوالة أسواق، غرم المشتري قيمته على المطالب بالجمع؛ لأنه أبخس في القيمة، ولا يقوم على أنه غير مطالب فيضر المشتري، وإن لم ينظر في ذلك حتى مات المبيع، أو الباقي في يد البائع لم تتعين القيمة؛ لأن القيمة إنما تعتبر على الحالة وقت وقع القبض، وإن كان داخلا على الوجه الصحيح، ثم مات الولد أو الأم، لم يكن للمشتري رد ولا مقال؛ لأن عيب الجمع قد ذهب، [ ص: 4327 ] وإن لم ينظر في ذلك حتى بلغ الولد حد التفرقة، لم يرد البيع ويسقط حكم الجمع ووقت العيب، وإن دخل على الوجه الفاسد لم تعتبر القيمة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية