الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن اشترى عبدا على صفة فوجد غيرها

                                                                                                                                                                                        ومن اشترى عبدا على صفة فوجده على أدنى منها، كان له أن يرد، وإن كان أجود لم يرد، وإن كانت صفة تختلف فيها الأغراض -فمن الناس من يريد الأول لمعنى في الآخر، ومنهم من يقدم الآخر- كان له أن يرد.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم -فيمن اشترى جارية، على أنها بربرية فأصابها خراسانية: كان له أن يرد. قال محمد: وإن اشتراها خراسانية فأصابها بربرية كان له أن يرد. يريد: لأنه مما تختلف فيه الأغراض. وكل واحدة تترجح بوجه ليس في معنى الأخرى.

                                                                                                                                                                                        وإن شرط أنها بربرية أو خراسانية، فأصابها صقلية أو آبرية أو أشبانية رد؛ لأنها دون التي وصف. وإن شرط أنها أحد هذه الثلاث، فوجدها بربرية أو خراسانية لم يرد؛ لأنها أفضل.

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: إلا أن يعلم أن المشتري يكره البربرية، لما يخاف من أصولهن أو حريتهن. وقد قيل: حريتهن وسرقتهن. [ ص: 4389 ]

                                                                                                                                                                                        قال سحنون: يريد أنهم كانوا يسرقونهم، ولم يرد أنهن يسرقن، وهذا يؤيد من قرأ الأول حريتهن، وأي ذلك كان عند الناس يتقى ويجتنبن لأجله، فأراد أن يرد لأجله، كان له ذلك.

                                                                                                                                                                                        وإن اشترى أمة على أنها مسلمة فوجدها نصرانية رد، وكذلك إن لم يشترط فله أن يرد، ومحملها على أنها مسلمة، إلا أن تكون من السبي. وإن شرط أنها نصرانية فوجدها مسلمة لم يرد.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: إلا أن يقول: أردت أن أزوجها لعبدي النصراني، ويعلم ذلك فيرد. وأرى إن قال البائع: إنها نصرانية، على وجه البراءة فوجدت مسلمة لم ترد، وإن قال المشتري أردتها لعبدي النصراني؛ لأن ذلك لم يكن على وجه الشرط. وإن ذكر أنها نصرانية فوجدها يهودية، وكان الناس إلى النصرانية أميل، كان له أن يرد، ولا يرد إذا ذكر أنها يهودية فوجدها نصرانية.

                                                                                                                                                                                        وإن وجد العبد النصراني أغلف وكان ممن يختتن وجاوز سن الاختتان، كان عيبا، وإن كان ممن لا يختتن أو لم يجاوز سن الاختتان، لم يكن عيبا. وإن وجد الأمة غير مخفوضة كان أخف، وفي كتاب محمد: أنه كالغلف في العبد. [ ص: 4390 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية