الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما يكون عيبا في العبيد والإماء، وما لا يكون]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن اشترى جارية رسحاء -يريد: زلاء: لم ترد [ ص: 4399 ] به. ومحمل قوله على الشيء الخفيف الذي لا يحط من الثمن. قال محمد: إلا أن تكون ناقصة الخلق. يريد: أن يكون شيئا فاحشا في الزلل، والقول قول المشتري إنه خفي عليه، إن خالفه البائع في ذلك، والقول: إن ذلك مما لا يخفى- ليس بشيء. وقال: إن كانت زعراء العانة رد به. قال محمد: وغير العانة إذا لم ينبت في جسدها وساقيها. وهذا لأن الجسد الذي هذه صفته كثير الأمراض.

                                                                                                                                                                                        ومن اشترى عبدا ثم تبين أن له ولدا أو والدا كان عيبا يرد به، وإن اشترى الولد فمات الأب ذهب العيب، وإن مات الولد رجع بالعيب؛ لأنه مات معيبا. وقال ابن حبيب -في الأخ: ليس بعيب.

                                                                                                                                                                                        يريد ما لم يكن يخشى مثله ويجتنب الشراء لأجله.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك -فيمن اشترى صغيرة لم تبلغ حد التفرقة، فقال بعد الشراء: هذه صغيرة لم تبلغ حد التفرقة، فأين أمها؟ فقال: ماتت. فقال: هات البينة على موتها- قال مالك: لا أرى ذلك على الناس. وإنما لا يفرق بين الصغير وبين أمه فيما علم. [ ص: 4400 ]

                                                                                                                                                                                        والزوجة عيب فيمن اشترى عبدا فتبين أن له زوجة، أو أمة فتبين أن لها زوجا، كان له أن يرد، والطلاق لا يرفع العيب؛ لأن كل واحد منهما يركن إلى الرجوع إلى الآخر، وقد يتخلق على مولاه، واتفق مالك وغره من أصحابه: أن الطلاق لا يرفع العيب.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا مات أحدهما، فقال مالك -في كتاب محمد: يرد. قال عبد الملك –في ثمانية أبي زيد: لأنه عيب يتقى منه وجوه، فأما الخادم فيقول: لا أنتظرها حتى تنقضي عدتها، وقد تطول العدة أو يظهر حمل، أو يكون لها منه ولد لا أعرفه، وأما العبد فلعل ثم ولد أو أم ولد بيعا.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب: إن مات زوج الأمة، أو ماتت زوجة العبد قبل أن يرد، فقد انقطع الرد. وهو أحسن إذا كانت من العلي، ولأنها تكتسب لمثل ذلك، وإن كانت من الوخش ردت؛ لأنها قد ضريت الزوج فلا ينتفع بها، مثل من لم يتقدم لها زوج.

                                                                                                                                                                                        وأما العبد الفار فإن كان الذي شأنه التسري فلا يرد بعد موت الزوجة، وإن كان من الوخش كان له أن يرد.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم -فيمن اشترى أمة في عدة من طلاق وهو لا يعلم، فلم يردها حتى انقضت العدة: فلا رد له. [ ص: 4401 ]

                                                                                                                                                                                        وهذا خلاف قول مالك أن الطلاق لا يرفع العيب، إلا أن يحمل قوله على أنه علم بتقدم الزوجية والطلاق، وظن أنها في غير عدة واشتراها وهي في الطهر الأول، وإن كان الشراء وهي في الطهر الثاني لم ترد؛ لأن الأمة تشترى على أنها تحبس حتى تحيض حيضة.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب -فيمن باع أمة وقال للمشتري: كان لها زوج فطلقها، أو مات عنها، وقالت الأمة ذلك: فقد برئ البائع ولا يصيبها المشتري ولا يزوجها حتى تشهد البينة على الطلاق أو الوفاة. يريد إذا لم تكن طارئة، أو قدمت من موضع قريب يقدر على استعلام ذلك، وإن كان الموضع بعيدا لم تحرم على السيد ولا على الأزواج.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم -فيمن اشترى عبدا فظهر أنه زان، أو أمة وهي من العلي، أو الوخش: فذلك عيب يرد به. [ ص: 4402 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية