فصل [في عزل الموكل وكيله إذا لم يتعلق بالوكالة حق لغيرهما]
ما لم يتعلق بالوكالة حق لغيرهما، فمن ذلك الوكالة على الخصومة، فللموكل عزله قبل أن يخاصم، وإن سخط ذلك الموكل عليه، وإن أنشب الخصومة لم يكن للآمر عزله إلا برضا من قبله من تلك الخصومة، أو يتبين من الوكيل تفريط أو قلة قيام، أو يكون دليل تهمة فيما بينه وبين من وكل عليه، فيكون له أن يعزله ويسقط قول الموكل عليه. وللموكل عزل وكيله
وإن كانت الوكالة بأجرة كان ذلك عيبا، وله أن يفسخ الإجارة عن نفسه; ولأن تركه على حاله يؤدي إلى تلف حق الطالب، أو ثبات الحق عليه إن كانت الوكالة من المطلوب.
واختلف في فمنع ذلك الرجلين تكون الخصومة بينهما، فحكما رجلا، ثم أرادا أو أحدهما عزله عن النظر بينهما- على أربعة أقوال: أن يكون ذلك لهما أو لأحدهما، وإن لم ينظر في شيء من أمرهما. [ ص: 4625 ] عبد الملك
وأجازه لمن أبى منهما، وإن كره الآخر إن لم يكن نظر في شيء من أمرهما، ومنعه بعد ذلك. مطرف
وأجازه ما لم يكن يشرف على الحكم، قاله في الزوجين يحكمان رجلا، فإن أشرف على الحكم لم يكن ذلك لهما. وأجازه ابن المواز في كتاب ابنه ما لم يقع الحكم. سحنون
واتفقت هذه الروايات على المساواة بين رجوعهما أو رجوع أحدهما، وأرى إن رجع أحدهما وخالفه الآخر أن يكون القول قول من أبى عن عزله، طالبا كان أو مطلوبا، نظر في ذلك أو لم ينظر.
ومن حجة من أبى من عزله إن كان طالبا أن يقول: قد يكون رأى أن الحق لي، فليس لك أن تنقلني إلى من لا يرى ذلك بعد أن تراضينا برأيه وقد تعلق لي بذلك حق. وإن كان الذي أحب التمادي المطلوب قال: قد يكون رد له أن لا شيء قبلي فتنقلني إلى غيره، وقد يرى الثاني إلزامي. فكان لكل واحد منهما في ذلك مقال.
وكذلك إن نزع أحدهما بعد النظر كان من حجة الآخر ما تقدم ذكره، وأن يقول: قد أدليت بحجتي، أو أثبت بينتي، أو كان من لفظك ما يوجب لي حقا أو يدفع دعواك، فدعواك إلى عزله واستئناف النظر إلى غيره يؤدي إلى ضرري في جميع ذلك، وأن أتكلف البينة وإثبات ما جرى. [ ص: 4626 ]
فإن اجتمعا على عزله والانتقال إلى غيره جاز ما لم يكن قد أشرف على الحكم فيمنعان; لأن فيه ضربا من القصد إلى التضارر، كما لو حكم بينهما فإنه لا خلاف أنه لا يجوز أن يتراضيا على فسخ الحكم والرجوع للمخاصمة.