الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الدعوى في المساقاة]

                                                                                                                                                                                        الاختلاف في المساقاة من ثلاثة أوجه: أحدها في الجزء، والثاني في دفعه، والثالث في الصحة والفساد، فإن اختلفا في الجزء، فقال صاحب الحائط: لك الثلث، وقال الآخر: النصف، فإن كان اختلافهما قبل العمل وأتيا بما يشبه تحالفا وتفاسخا.

                                                                                                                                                                                        وإن اختلفا بعد العمل كان القول قول العامل مع يمينه إذا أتى بما يشبه، وإن أتى بما لا يشبه وأتى الآخر بما يشبه حلف، ولم يكن للعامل إلا ما حلف [ ص: 4723 ] عليه صاحبه، فإن نكلا عن اليمين وأتيا بما لا يشبه رد إلى مساقاة المثل.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا أتى أحدهما قبل العمل بما يشبه دون الآخر، هل يكون القول قوله مع يمينه وتثبت المساقاة، أو يتحالفان ويتفاسخان؟ فعلى ما ذكره أشهب يكون كالقراض إن رضي أحدهما بما قال الآخر وإلا رد بغير يمين.

                                                                                                                                                                                        وإن قال صاحب الحائط: كانت المساقاة على أن يبدأ العامل بمكيلة كذا، والباقي نصفين. وقال الآخر: بل الجميع بيننا نصفين، ولا تبدية لي عليك. فقد أقر له بأكثر فكان القول قول مدعي الصحة، وسواء كان اختلافهما قبل العمل أو بعده، ويحلف على ذلك قبل تمام العمل، وأما بعده: فإن كانت مساقاة مثله النصف فلا يمين عليه، وإن كانت مساقاة المثل أكثر من النصف حلف صاحب الحائط، وإن نكل حلف العامل وأخذ الفضل.

                                                                                                                                                                                        وإن قال العامل: شرطت أن أبدأ بمكيلة، والباقي بيننا نصفين، وقال الآخر: نصفين من غير تبدية- كان اختلافا في الثمن، فيحلف مع القيام مدعي الفساد وحده، وتفسخ المساقاة; لأن منزلة من ادعى الفساد منزلة من أتى بما لا يشبه في الثمن، والسلعة لم تفت.

                                                                                                                                                                                        فإن قال صاحب الحائط: لي صنف كذا، ولك صنف كذا، وقال الآخر: على أن الجميع بيننا نصفين- كان القول قول [ ص: 4724 ] صاحب الحائط مع يمينه، وإن كان مدعي الفساد; لأنه لم يقر ببيع شيء من الصنف الذي ادعاه العامل.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في "كتاب محمد" فيمن ساقى حائطه سنة أو أكثر، ثم قال العامل بعد فراغها: لم تدفع إلي من الثمرة شيئا؟ فقال: إذا جد- فلا شيء عليه. [ ص: 4725 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية