الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في ما إذا أخرج أحد الشريكين الأرض والآخر البذر]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب: إذا أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر على أن نصفه سلف من عند صاحبه، لم يجز، والزرع بينهما نصفين; لأنهما ضمنا الزريعة وتكافآ في العمل وكراء الأرض. [ ص: 4820 ]

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في "كتاب ابنه": الزرع لمسلفه وعليه كراء الأرض; قبض صاحب الأرض حصته من الزريعة أو لم يقبضها، إلا أن يكون السلف بعد صحة الشركة على غير شرط.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ أبو الحسن -رحمه الله-: إذا كان المتولي للعمل المسلف، كان الزرع له; لأن المسلف لم يقبضه ولا أفاته، وإن كان العامل المسلف، كان له منه بقدر ما أسلفه; لأنه قبضه وأفاته بعمله. ولو كانت الشركة على أن يسلف أحدهما الآخر الثمن ليشتري به نصيبه من الزريعة، كان الزرع بينهما نصفين قولا واحدا، بخلاف سلف الزريعة.

                                                                                                                                                                                        واتفق ابن القاسم وسحنون، إذا كان السلف بغير شرط في أصل العقد، أن الشركة صحيحة والسلف صحيح.

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: ولو دفع أحد الشريكين لصاحبه دنانير ليشتري له نصيبه من الزريعة، فزرع ثم قال: لم أشتر شيئا وإنما زرعت من عندي، لم يصدق والزرع بينهما، فإن صدقه كان بالخيار بين أن يعطيه المكيلة ويكون الزرع بينهما، وإن شاء أخذ دنانيره، وكان الزرع لزارعه. [ ص: 4821 ]

                                                                                                                                                                                        قال يحيى بن عمر: إن صدقه أو قامت البينة أنه من عنده، كان الزرع لزارعه، ولا يجوز للآخر الرضا بأخذ نصفه ويدفع الزريعة.

                                                                                                                                                                                        يريد: لإمكان أن يكون اختار الترك ثم انتقل إلى الرضا فيدخله بيع الزرع قبل بدو صلاحه.

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم في كتاب محمد: إذا غاب أحد الشريكين بعد أن قلبا الأرض ثم زرع الآخر له ولصاحبه ثم قدم الغائب، فإن رضي جاز، وإن لم يرض لم يلزمه. قال: وأحب إلي إذا رضي أن يؤخر ذلك حتى يحصد فيأخذ الزارع منه بذره، ويكون ما بقي بينهما. وإن زرعها لنفسه لم يكن للغائب في الزرع شيء، وله قيمة كراء نصيبه محروثا. وإن حرث نصفها كان للغائب قيمة كراء نصف ذلك النصف. وإن أحضر شهودا لقسمة ذلك، لم ينفعه إلا بقسم السلطان.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ أبو الحسن -رحمه الله- وقد قال في كتاب الرواحل: إذا أشهد جماعة، كان كحكم السلطان إذا لم يكن سلطان. [ ص: 4822 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية