الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في من نسي السجود للتلاوة]

                                                                                                                                                                                        ومن نسي أن يسجد للتلاوة وهو في صلاة نفل، فإن تجاوزها بالآية والآيتين سجد ولم يعد لقراءتها، وإن كان على غير ذلك أعاد قراءتها وسجد، وإن لم يذكر حتى ركع ورفع قرأها في الثانية وسجد.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ذكر وهو راكع أو جالس أو بعد السلام، فقال مالك في العتبية: إذا ذكر وهو راكع يمضي على ركوعه ولا يسجد. وكذلك لو انحط يسجد فنسي فركع، فإنه يرفع للركوع وتجزئه الركعة، وقال أشهب: ينحط للسجود، وإن كانت نيته في حال انحطاطه للركوع.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إذا كانت نيته للسجود فإنه يخر ساجدا; لأن ركعته تلك لا تجزئ عنه ولو رفع منها. يريد بخلاف من كانت نيته من أول [ ص: 432 ] الركوع، فإنه يمضي لتمامها.

                                                                                                                                                                                        والقول إنه إذا كانت نيته للركوع إنه يمضي لها أحسن; لأنه تلبس بفرض فلا يسقطه لنفل، ولم يختلفوا فيمن نسي الجلوس حتى تلبس بالفرض وهو القيام، أنه لا يرجع منه إلى الجلوس، والجلوس سنة مؤكدة تفسد الصلاة بتعمد تركه في المشهور من المذهب، فناسي السجدة أولى.

                                                                                                                                                                                        وأما إذا كانت نيته في الانحطاط للسجدة، فإن مالكا ذهب إلى أن الفرض أن يخر راكعا فتماديه عليه بنية الامتثال للركوع جاز عنه.

                                                                                                                                                                                        وذهب ابن القاسم إلى أن الانحطاط للركوع فرض في نفسه، فلم يجزئ عنه الانحطاط بنية السجود؛ لأنه لنفل، فلا يجزئ عن فرض.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن سلم من ركعتين، فذكر وهو قائم هل يحرم ولا يجلس أو يجلس ثم يقوم؟ ولم يختلف النص فيمن سبقه الإمام بركعة فظن أن الإمام سلم، وقام للقضاء وسلم الإمام وهو قائم - أنه لا يرجع إلى الجلوس، وقد كانت الحركة إلى القيام في حكم الإمام في موضع لا يحتسب بها، فإن ذكر وهو جالس أو بعد السلام لم يكن عليه شيء عند ابن القاسم، إلا أن يدخل في نفل آخر. ولأشهب في مدونته: أنه إن ذكر وهو جالس ولم يسلم أنه يسجد، [ ص: 433 ] وإن ذكر بعد السلام سجد. وهو أبين; لأن سجود التلاوة إنما كان في صلاة، وقضاؤه استحسان.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية