الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في قيمة المضمون تكون يوم قبضه غير معمول]

                                                                                                                                                                                        ومن "المدونة" قال ابن القاسم: فيمن دفع إلى قصار ثوبا ليغسله، أو إلى خياط ليخيطه ففعل، ثم ضاع بعد الفراغ، قال: عليه قيمته يوم قبضه غير معمول، قال: وإن أراد صاحب الثوب أن يؤدي الكراء ويضمنه قيمته مقصورا لم يكن ذلك له، قال: وإذا فرغ الخياط أو الصانع من عمل ما في يديه، ثم دعا صاحب المتاع فقال: خذ متاعك فلم يأت حتى ضاع المتاع عند الصانع، قال: هو ضامن على حاله. يريد أنه لم يحضره، ولو كان قد أحضره ورآه صاحبه مصنوعا على صفة ما شرطه عليه، [ ص: 4880 ] وكان قد دفع الأجرة إليه ثم تركها عنده فادعى ضياعها- لصدق; لأنه خرج عن حكم الإجارة فصار إلى الإيداع.

                                                                                                                                                                                        وكل هذا على أصله أن الضمان وقت وضع يده عليه. وعلى القول أنه يغرم لآخر وقت رئي عنده يكون لصاحب الثوب ألا يدفع الأجرة ويغرمه قيمته غير مقصور.

                                                                                                                                                                                        وعلى أصل قول محمد: إذا ضاع بعد الفراغ ببينة أن للصانع الأجرة; لأنه قد أسلم الصنعة ووضعها في الثوب، يكون لصاحب الثوب أن يغرم الأجرة ويغرمه قيمته مصنوعا.

                                                                                                                                                                                        وإن باعه جرى الجواب على الخلاف المتقدم، فعلى قول ابن القاسم في "المدونة" يكون صاحب الثوب بالخيار: بين أن يغرمه قيمته يوم قبضه، أو يجيز البيع ويكون له من الثمن ما ينوب الثوب دون الصنعة، وعلى القول أن له أن يأخذه بأعلى القيم يكون صاحب الثوب بالخيار: بين أن يأخذه بقيمته يوم البيع لو كان غير مصنوع، أو بما ينوبه من الثمن، وعلى القول أن الصنعة قد سلمت إلى الثوب يكون له أن يغرم الأجرة ويأخذ الثمن الذي يبيع به، والذي آخذ به أن يكون بالخيار: بين أن يأخذ الأكثر من قيمتها يوم باعها، أو ما ينوبها من الثمن من غير معمولة، أو يأخذ جملة الثمن الذي يبيع به ويدفع الأجرة. [ ص: 4881 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية