باب في الصلاة إلى سترة
ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه كان يصلي إلى بعيره. ولا خلاف في ذلك إذا كان المصلي بحيث يخشى من يمر بين يديه. والإمام والفذ في ذلك سواء. أنه إذا كان في سفر أو خرج إلى العيدين ركزت له الحربة أو العنزة فيصلي إليها،
واختلف إذا كان لا يخشى ذلك، فأجاز في المدونة أن ومنعه في العتبية، وهو أحسن؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: يصلي إلى غير سترة، وقال في كتاب "إذا كان أحدكم يصلي، فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو [ ص: 438 ] شيطان". "فإن معه القرين"، يريد: قرينه من الجن، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: مسلم: فكأن الشيطان الذي معه يحمله على ذلك، وقال: "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرين من الجن. قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير"، فأبان أنه إذا دنا لم يقدره الله -عز وجل- على الجواز، وقد أمر "إذا صلى أحدكم فليدن من سترته؛ فإن الشيطان يحول بينه وبينها". أو يعرض عليه عودا، فإن ذلك يمنعه منه وإن كان مكشوفا. بتخمير الإناء من الشيطان
قال: إلا أن يكون الغالب أنه لا يمر [ ص: 439 ] أحد بذلك الموضع - فلا إثم على واحد منهما، وإن كان للمار مندوحة عن المرور بين يديه كان الإثم على المار. وإذا مر رجل بين يدي المصلي إلى سترة كان الإثم على المار، وإن كان إلى غير سترة، وليس للمار مندوحة في السير إلا بين يديه، وكان يشق عليه الصبر إلى أن يفرغ - كان الإثم على المصلي،
والأصل في تعلق الإثم حديث أبي جهيم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه".
واختلف في فقيل: قدر شبر؛ لحديث القدر الذي يكون بين يدي المصلي، قال: سهل بن سعد وقدر ذلك شبر، وقد كان شيخنا "كان بين مصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين الجدار قدر ممر الشاة". أبو الطيب -رحمة الله عليه ورضوانه- إذا قام إلى الصلاة دنا من الجدار ذلك القدر؛ لهذا الحديث، وإذا ركع تأخر. وقيل: قدر ذلك ثلاثة أذرع; لحديث -رضي الله عنه-: بلال وإن ذلك يرجع إلى حديث سهل; لأنه إذا كان قيام المصلي من ثلاثة أذرع بقي بعد سجوده إلى الجدار نحو شبر. "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في الكعبة وجعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع".
وقال : ذلك واسع، وأكثره ثلاثة أذرع، وأقله ممر شاة. [ ص: 440 ] الداودي