الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما يجوز اتخاذه سترة]

                                                                                                                                                                                        السترة تجوز بكل طاهر لا يشغل المصلي، إذا كان يثبت حتى تنقضي الصلاة، وكان في الارتفاع شبرا فأكثر، في غلظ الرمح.

                                                                                                                                                                                        وكره مالك السوط، فإن فعل أجزأه. وإذا صلى إلى مثل الرمح أو الحربة فليجعله على جانبه الأيمن؛ للحديث: "إذا قام أحدكم إلى عمود أو خشبة، فلا يجعله نصب عينيه، ولكن يجعله على حاجبه الأيمن" وقال المقداد: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي إلى عمود أو عود أو شجرة إلا جعله إلى حاجبه الأيمن أو الأيسر، لا يصمد إليه صمدا". [ ص: 441 ]

                                                                                                                                                                                        ويكره أن يصلي إلى الحجر الواحد، ولا بأس بالحجارة يكومها ويصلي إليها، ولا بأس أن يصلي إلى ظهر الرجل إذا رضي أن يثبت له حتى تنقضي صلاته. ولا يصلي إلى وجهه ولا إلى جنبه; لأن ذلك مما يشغله.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الصلاة إلى الحلقة، فأجيزت; لأن الذي يليه ظهر أحدهم، وكرهت; لأن وجه الآخر يقابله.

                                                                                                                                                                                        ويختلف على هذا في الصلاة إلى سترة رمح أو عنزة إذا كان وراء السترة رجل جالس يستقبل المصلي بوجهه.

                                                                                                                                                                                        ولا يصلي إلى النائم، وليس بحسن; لأنه لا يأمن أن يحدث منه مما تنزه الصلاة عنه، وفي مسند ابن سنجر قال ابن عباس: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني نهيت أن أصلي إلى النائم والمتحدثين". ولا إلى ظهر امرأة، امرأته كانت أو أجنبية.

                                                                                                                                                                                        ولا بأس بالصلاة إلى الطائفين من غير سترة; لأنهم في معنى من هو في صلاة.

                                                                                                                                                                                        ويجوز أن يصلي إلى البعير; لحديث ابن عمر "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعرض راحلته فيصلي إليها، فإن ذهبت أخذ الرحل فعدله وصلى إليه".

                                                                                                                                                                                        قال مالك في العتبية: ولا يصلي إلى الخيل والحمير; لأن أبوالها نجسة، [ ص: 442 ] وأبوال الإبل والبقر والغنم طاهرة، قال ابن القاسم: كأنه لا يرى بأسا بالسترة إلى البقرة والشاة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية