باب في الإجارة على الأذان والصلاة، وعلى كتابة المصحف والقراءة فيه وبيعه، وعلى كتابة العلم وتعليمه وبيع كتبه
واختلف في فأجازها الإجارة على الأذان وصلاة النفل والفرض، على الأذان وكرهها على صلاة النفل والفرض. ومنعها مالك على الأذان وقال: إنما يجوز له ذلك من بيت المال، وقد كان ابن حبيب -رضي الله عنه- يجري على القضاة أرزاقا من بيت المال، ولا يجوز أن يأخذ من المحكوم له شيئا. عمر بن الخطاب
وذكر عن مالك في "ثمانية ابن الماجشون أبي زيد" أنه أجاز أن يؤم في رمضان بإجارة. قال: وهو مثل المؤذن ومعلم الصبيان. وأجازه محمد بن عبد الحكم في الفرض.
وأجاز في "المدونة" الإجارة على الأذان وصلاة الفرض إذا جمعهما في عقد واحد. قال مالك وإنما جوز ابن القاسم: هذه الإجارة لأنه إنما أوقع الإجارة [ ص: 4955 ] على الأذان والإقامة ولم يقع من الإجارة على الصلاة بهم قليل ولا كثير. مالك
وقول في الأذان أصوب وليس كالقضاء والفتيا; لأن الأذان دعاء إلى الصلاة بقوله: "حي على الصلاة حي على الفلاح " وذلك ما تجوز الأجرة عليه. مالك رشوة، وكذلك كل ما هو بين رجلين; لأنه إن أخذها من أحدهما اتهم بالميل إليه. والأجرة على القضاء والفتيا
وإن اتفق الخصمان على أجرة لم يجز; لأنه باب فاسد، وذلك يؤدي إلى أن يعطي أحدهما أكثر من الآخر، وليس كذلك تعليم القرآن والعلم; لأنه لا مدخل له في شيء من هذا المعنى.
والقول إذا اجتمعت الإجارة على الأذان والصلاة ولم يقع من الإجارة للصلاة شيء فغير مسلم; لأن الذي يستأجر به للأذان بانفراده دون ما يستأجر به للجميع، فإن غلب على الأذان دون الصلاة لم يرد جميع الأجرة، وإن غلب على الصلاة لم يستوجب جميعها.
وقوله في أحسن; لأنه قد أشرك في عمله إلا أن تكون الأجرة قدر ما يرى أنه لعنائه لبعد داره أو لما يعطل من [ ص: 4956 ] أشغاله فيستخف ذلك. منع الأجرة على الصلاة