باب في إجارة المسجد والدار والأرض لتتخذ مسجدا والبيت ليصلى فيه
ومن بنى مسجدا وحيز عنه وصلى الناس فيه سقط ملكه عنه، وإن بناه ليكريه جاز ولم يسقط ملكه عنه بصلاة الناس فيه، وله بيعه ويورث عنه. وإن بناه ليصلي فيه فلم يحز عنه ولا صلي فيه وامتنع من أن يخرجه من يده لم يجبر.
قال في كتاب الصلاة من "المدونة": يريد: إن لم يبحه ورث. وهذا الأصل في كل ما أوجبه الإنسان لله تعالى ولم يعينه أن لا يجبر على إنفاذه. لا يورث المسجد إذا كان صاحبه قد أباحه للناس.
وقال مرة فيما جعل لمساكين في غير يمين: يجبر على إنفاذه. فعلى هذا يجبر باني المسجد على إنفاذه، وإن مات قبل إجباره أو كان على إنفاذه فمات قبل حوزه كان على قولين: هل يمضي ذلك حبسا أو ميراثا قياسا على الصدقات إذا لم يفرط في حوزها حتى مات؟ وعلى هذا يجري الجواب إذا أحب أن يبني فوقه، فإن بناه لله وأحيز عنه لم يكن له ذلك، وإن بناه [ ص: 4965 ] ليكريه وعلم ذلك كان له أن يبني فوقه، ولا يمنع من ذلك صلاة الناس فيه. ابن القاسم
وإن بناه لله ولم يحز عنه كان على الخلاف المتقدم. فمن لم يجبره على إنفاذه لم يمنعه من البناء فوقه، ومن أجبره منعه. وإن قال: أنا أبنيه لله تعالى وأبني فوقه مسكنا وعلى هذا أبني جاز. وكذلك إن كانت دارا علوا وسفلا وأراد أن يحبس السفل مسجدا ويبقي العلو على ملكه جاز.
ومن فإن كان الكراء على أوقات الصلاة خاصة، وهو باق على منافعه فيما سوى تلك الأوقات كره له ذلك، وليس من مكارم الأخلاق أن يأخذ على ذلك أجرا ولا يفسخ إن فعل ولا تسقط الأجرة، وإن أخلى ذلك البيت وسلمه إليهم جاز. أكرى بيته أو داره ممن يصلي فيه،
وضرب أجلا جاز، فإن انقضى الأجل كان للمكتري أن ينقض من ذلك ما لا يصح بقاؤه للسكنى ولا يوافق بناء الدار. وإن أكرى أرضا ممن يتخذها مسجدا
ويفترق الجواب فيما يصح بقاؤه مسكنا، فإن لم يجعله حبسا كان لصاحب الأرض أن يأخذه بقيمته منقوضا. واختلف إذا كان حبسا هل يأخذه بقيمته؟ وأن ذلك له أحسن. [ ص: 4966 ]