باب في وهل يركب البحر إذا كان لا يأتي بالصلاة على شروطها؟ الصلاة في السفينة
قال يكره ركوب البحر؛ لما يدخل على الإنسان من نقص في صلاته وغير ذلك. مالك:
قال الشيخ -رحمه الله-: ركوب البحر على ثلاثة أوجه:
- جائز: إذا كان يعلم أن من شأنه أنه يأتي بفرضه قائما، ولا يميد.
- ومكروه: إذا لم تتقدم له عادة بركوبه، ولا يعلم إذا ركبه هل يميد فيعطل صلاته أم لا؟ ولا يقال: إنه ممنوع; لأن الغالب السلامة.
- وممنوع: إذا كان يعلم من شأنه أنه يميد ولا يقدر على أداء الصلاة، أو كان لا يقدر على الصلاة لكثرة الراكب، أو لا يقدر على السجود.
وقال في سماع مالك إذا لم يقدر أحدهم أن يركع أو يسجد إلا على ظهر أخيه فلا يركبون لحج ولا لعمرة; أيركب حيث لا يصلي؟! ويل لمن ترك الصلاة! [ ص: 479 ] أشهب:
ويكره أيضا إذا كان لا يقدر على الصلاة إلا جالسا.
وقال في المبسوط فيمن لما يعلم من شدة البحر وأنه لا يصلي فيه قائما، قال: يجمعهما في البر قائما أحب إلي من أن يصليهما في وقتهما قاعدا. أراد ركوب البحر في وقت صلاة الظهر، فأراد أن يجمع الظهر والعصر قبل أن يركب قائما;
وقال في العتبية: إذا لم يقدروا على القيام قعدوا، ولا بأس أن يؤمهم أحدهم.
ومحمل قوله في هذين السؤالين على ما يفعله من ركب أو عزم على ركوبه، ليس على ما يختاره له من الركوب أو الترك.
واستحب لمن كان في السفينة وهو قادر على الخروج - أن يخرج فيصلي في البر؛ لأن صلاته في البر أقرب للسكينة والوقار، وليعفر وجهه في التراب. مالك
وقال إذا كانوا لا يقدرون على الصلاة جماعة تحت سقفها إلا أن يحنوا رؤوسهم - أنهم يصلون على ظهرها أفذاذا; لأن في ذلك نقص هيئة، فإن فعلوا ووفوا بالقيام - مضت صلاتهم، وعليهم أن يستقبلوا القبلة، فإن دارت السفينة داروا إلى القبلة. وهذا في الفرض. واختلف في النفل، [ ص: 480 ] فجعله في المدونة مثل ذلك، بخلاف الدابة، وقال في المختصر: لا يتنفل في السفينة إلا إلى القبلة، وأجاز مالك: أن يتنفل على حاله. والأول أحسن، ولا مشقة في ذلك بخلاف الدابة. [ ص: 481 ] ابن حبيب