الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل: أول وقت الوتر بعد صلاة العشاء

                                                                                                                                                                                        أول وقت الوتر بعد صلاة العشاء، فمن قدمه على الصلاة لم يجزئه، وإن صلى بعد العشاء ثم تبين أن صلاة العشاء كانت على غير طهارة لم يجزئه. [ ص: 489 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف في آخر وقته، فقال مالك: يصلى بعد الفجر ما لم يصل الصبح.

                                                                                                                                                                                        وقال أبو مصعب: لا يقضي بعد الفجر.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الجهم: إنما قال مالك: يصلى بعد الفجر وإن كان من صلاة الليل، للاختلاف في الفجر، فقال قوم: هو من الليل. وقال قوم: هو من النهار. وقال قوم: حال بين حالين. فلتأكيده أحب قضاءه في هذا الموضع، ولا أرى أن يقضى بعد الفجر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "بادروا الصبح بالوتر" أخرجه مسلم، وقوله: "...فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة..".

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول إنه يصلى بعد الفجر إذا ذكره بعد أن تلبس بصلاة الصبح، أو لم يتلبس بها وضاق الوقت فإن أوتر أدرك ركعة من الصبح، فقال مالك: إذا ذكر وهو في جماعة قطع; لأن الوتر سنة، فهو إن ترك فضل الجماعة [ ص: 490 ] صلى صلاة هي سنة. وقال أيضا: لا يقطع.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن وهب عنه: إن شك تمادى مع الإمام، ثم أوتر، ثم أعاد الصبح. يريد: يتمادى بنية النفل. وقال في المدونة في الفذ: يقطع. ففرق بينه وبين من كان في جماعة.

                                                                                                                                                                                        وقال في المبسوط: لا يقطع. وقال في كتاب ابن حبيب في الإمام: يقطع.

                                                                                                                                                                                        وعلى القول الآخر لا يقطع. ولا خلاف أنه إذا ذكر بعد الفراغ من الصبح أن صلاته ماضية ولا يوتر.

                                                                                                                                                                                        وإن استيقظ وقد بقي لطلوع الشمس قدر ركعتين صلى الصبح وترك الوتر.

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ: يصلي الوتر والصبح، وكذلك إذا بقي مقدار أربع ركعات، فعلى قول ابن القاسم يوتر بواحدة ويصلي الصبح. وقال أصبغ في كتاب محمد: يوتر بثلاث ويصلي الصبح. والقول إنه لا يقطع إذا تلبس بالصلاة، وألا يزاحم بالوتر الصبح - أحسن، وقد ذهب وقت الوتر بطلوع الفجر، فكيف بمن دخل في الصلاة أو ضاق عليه الوقت؟

                                                                                                                                                                                        [ ص: 491 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية