فصل [في صفة الخطبة في العيد]
يستفتح كل خطبة بالتكبير، وكلما مضى في الخطبة عاد إلى التكبير، واختلف في ثلاثة مواضع: ويخطب للعيدين خطبتين،
أحدها: في عدد التكبير.
والثاني: هل الإكثار منه أولى أو التقليل؟
والثالث: هل يكبر الناس بتكبيره؟
فقال في المبسوط: يستفتح الإمام الخطبة إذا صعد بالتكبير، قال: ومن السنة أن يكبر تكبيرا كثيرا، ثم في الثانية أكثر من الأولى، ويكبروا بتكبيره، وقال مالك يستفتح الأولى بسبع تكبيرات تباعا، ثم إذا مضت كلمات كبر ثلاثا، وكذلك في الثانية إذا استفتحها، وإذا مضى في خطبته، وقال ابن حبيب: المغيرة في المبسوط: كنا نعد الإكثار من التكبير عيا، ويستراح إليه في الخطبة، ولم ير أن يكبر الناس بتكبير الإمام فيها.
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه خطب بعد الصلاة، [ ص: 640 ] قال والخطبة في العيدين بعد الصلاة ومن خطب قبل الصلاة أعادها بعد، فإن لم يفعل فقد أساء وتجزئه. أشهب:
واختلف في أول من خطب قبل الصلاة، فقال في المبسوط: أول من فعل ذلك مالك -رضي الله عنه- قال: وإنما فعل ذلك ليدرك الناس الصلاة، والسنة أن تقدم الصلاة، قال: وبذلك عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمان وأبو بكر وعمر صدرا من خلافته، وفي وعثمان البخاري "أن أول من فعل ذلك ومسلم مروان، فكلمه في ذلك وجبذه لما أراد أن يصعد منبرا -صنعه له أبو سعيد الخدري كثير بن الصلت من طين- ثم قال له أين الابتداء بالخطبة؟ فقال له أبو سعيد: مروان: قد ترك ما تعلم، فقال له ما أعلم خير مما لا أعلم" وقال في موضع آخر: "... إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا..." وإنما كان امتناع [ ص: 641 ] الناس من الجلوس; لأنه كان يؤذي في خطبته من لا يحل أذاه، فينصرف الناس؛ لئلا يسمعوا ذلك منه، فقدم الخطبة على الصلاة. أبو سعيد:
قال الشيخ: ولا ينبغي أن يؤتى للصلاة إذا كان يفعل ذلك، ومن قدر أن يأتي بعد فراغ الخطبة للصلاة فحسن. [ ص: 642 ]