الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن غصب دارا فهدمها]

                                                                                                                                                                                        ومن غصب دارا فهدمها كان صاحبها بالخيار بين أن يأخذه بالغصب ويغرمه قيمتها قائمة يوم الغصب، أو يأخذه بالعداء فيغرمه قيمتها قائمة يوم الهدم، أو يأخذ العرصة وحدها ويغرمه ما نقص الهدم على أن الأنقاض لصاحبها ، أو يأخذ العرصة والأنقاض ويغرمه ما نقص الهدم على أن الأنقاض لصاحبها يقال ما قيمتها قائمة وما قيمتها مهدومة على هيئتها فما بينهما غرمه ثم يختلف متى تكون قيمة النقص؟ فعلى قول ابن القاسم: يوم الهدم، وعلى قول سحنون: يوم الغصب، وأرى أن يكون عليه الأكثر من قيمته في هذين الوقتين. [ ص: 5819 ]

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: صاحبها بالخيار فإن أحب أخذ قيمتها يوم الغصب وإن شاء أخذ العرصة والنقض ولا شيء له . فلم ير له في النقص شيئا وهذا بناء على أصله وهو قول أشهب في كل من ملك أن يضمن ألا يأخذه وما نقص والأول أحسن.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إذا هدمها المشتري لا شيء عليه إذا أراد أن يتوسع .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: لا شيء في الهدم بخلاف الثوب يشتريه فيقطعه فإنه ضامن.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: والفرق بينهما أن هدم الدار ليس بمتلف؛ لأنه يقدر على أن ترد إلى حالها وأفضل . وكذلك الحلي يشتريه فيكسره ثم يستحق فلا شيء على كاسره؛ لأن فعله ليس بمتلف، وإذا قطع الثوب لم يرجع على حاله، وكذلك إذا ذبح الشاة وكسر العصا، وليس هذا الفرق بالبين؛ لأن إعادة الدار لا تصح إلا بمال ينفق فيها وهو لا يرى على الهادم أن يبنيها، وإذا كان ذلك لم يفد كونها مما تعاد إلى هيئتها بل المضرة في هدم الدار أعظم من المضرة في قطع الثوب. [ ص: 5820 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية