فصل [في الرجل يكتري الأرض فيزرعها ثم يستحقها رجل في أيام الحرث وغير أيام الحرث]
وإن كان المكري غاصبا كان للمستحق أن يأخذ كراء الماضي على الصحيح من القول، ثم يكون أمر المكتري مع المستحق في المستقبل على ما مضى إذا كان المكتري مشتريا؛ لأن المكتري دخل بوجه شبهة.
وإن كان الغاصب هو الزارع كان للمستحق أن يأخذ الأرض قبل الحرث وبعده ولا عوض عليه عن الحرث بانفراده، ولا عن الزرع إذا لم يبذر أو بذر ولم يبلغ أن ينتفع به إذا قلع، وإن كانت فيه منفعة كان للغاصب . [ ص: 5838 ]
واختلف إذا أحب المغصوب أن يدفع قيمته مقلوعا ويقره، هل ذلك له؟ وأن يكون ذلك له أصوب؛ لأن النهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها على البقاء فيزيد للبقاء ثمنا ولا يدري هل تسلم وهذا يدفع قيمته مطروحا؟
واختلف إذا خرج الإبان، فقال الزرع للغاصب وهو المعروف من قوله، فذكر مالك: رواية أخرى أنه إذا خرج الإبان للمستحق أن يقلعه، ويأخذ أرضه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أبو محمد عبد الوهاب . "ليس لعرق ظالم حق"
وروي عن أيضا أن الزرع للمغصوب منه الأرض وإن خرج الإبان أو طاب أو حصل . مالك
وفي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الترمذي ولم يفرق بين القيام في الإبان ولا بعده. [ ص: 5839 ] "من زرع أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته"
وقال في العتبية في رجلين تداعيا أرضا فبذرها أحدهما فولا، ثم عقب الآخر فبذرها قمحا فاستهلك بذلك الفول، ثم ثبتت لمن بذرها فولا فقال: إن استحقها في أوان العمل كان زرعها لمن بذرها قمحا وعليه كراء المثل وقيمة الفول على الرجاء والخوف، قال: ولو كان غاصبا لكان لمستحقها أن يطرح ما فيها إن شاء أو يقره ويأخذ كراءها . ابن القاسم
فجعل الاختلاف شبهة، وعلى القول: إن الاختلاف ليس بشبهة يكون حكم الذي حرثها آخرا حكم الغاصب، ولو ثبت أن الأرض لمن حرثها قمحا كان عليه للأول على قول قيمة الفول على الرجاء والخوف ويخفف عليه من القيمة؛ لأن قيمتها على رجاء السلامة إنما يغرم لو بقي في تلك الأرض وهو لا يصل إلى ذلك إلا بعد أن يدفع قيمة كراء الأرض، وعلى القول: إن الاختلاف ليس بشبهة لا يكون عليه للأول شيء وإن هلك. ابن القاسم