الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن غصب دنانير أو دراهم هل يغرم ما يربح فيها أو ما كان يربح فيها صاحبها؟

                                                                                                                                                                                        اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال، فقيل: لا شيء للمغصوب منه إلا رأس ماله وسواء استنفقها الغاصب أو تجر فيها وهو موسر كان له الربح، وإن كان معسرا كان الربح لصاحبها، وهو قول ابن مسلمة وابن حبيب في الوصي يتجر في مال يتيمه لنفسه فجعل له الربح إن كان موسرا ولليتيم إن كان معسرا .

                                                                                                                                                                                        وقيل: إن للمغصوب قدر ما كان يربح فيها لو كانت في يده ذكرها ابن سحنون، فيمن شهد بدين حال أن صاحبه أخر الغريم به سنة، ثم رجع عن الشهادة بعد محل الأجل والدين عين أو شيء مما يكال أو يوزن . واستحسن أن تكون المسألة على أربعة أقسام: فقسم لا يكون له إلا رأس ماله، وقسم يكون له ما يربح فيها، وقسم يكون له ما ربح الغاصب، وقسم يكون له الأكثر مما كان يربح هو فيها أو ما ربحه فيها، وإن كان صاحبها لا يتجر فيها لو كانت فيها، ولم يتجر فيها الغاصب، وإنما قضاها في دين لو أنفقها غرم رأس المال؛ لأن الغاصب لم يدخل عليه مضرة أكثر من حبسها، وإن كان صاحبها ممن يتجر فيها ولم يتجر فيها الغاصب كان عليه ما كان يربح فيها تلك المدة؛ لأنه حرمه ذلك مثل إذا أغلق الدار إلا أن يعلم أن تجارته في تلك المدة كانت غير [ ص: 5799 ] مربحة، وإن كان صاحبها ممن لا يتجر فيها، وتجر فيها الغاصب وهو موسر بغيرها ولم يعامل لأجلها كان له الربح، وإن كان فقيرا فعومل من أجلها كان ربحها لصاحبها، وإن لم تكن ذمة الغاصب سببا للربح كان ربح المال منه بمنزلته في الزكاة، وإن كان صاحبها ممن يتجر فيها والغاصب فقير كان عليه الأكثر مما ربح فيها أو كان يولجه صاحبها يتبع بالفضل متى أيسر. [ ص: 5800 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية