الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن غصب حليا فكسره ثم أعاده على حاله لصاحبه]

                                                                                                                                                                                        وفي كتاب محمد فيمن غصب حليا فكسره ثم أعاده على حاله لصاحبه أن يأخذه ولا غرم عليه، وإن صاغه على غير صياغته لم يأخذه، ولم تكن له إلا قيمته يوم غصبه قال: وهذا قولهما، قال محمد: لا شيء له إلا قيمتها وإن أعادها إلى حالها . لأن الغاصب ضمن قيمته وليس له مثله ولو لم يكن غاصبا إلا متعديا لكان له أخذه إذا صاغه على حاله بلا غرم ولو اشتراه رجل من الغاصب، فكسره ثم أعاده إلى حاله لم يكن لصاحبه أخذه إلا أن يدفع للمشتري قيمة صياغته؛ لأنه لم يتغير في الكسر.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - في الغاصب إذا أعادها إلى هيئتها: ألا شيء عليه أبين؛ لأن الصياغة مما يقضى فيها بالمثل على أحد القولين، وقد قال ابن القاسم فيمن غصب سوارين فكسرهما: عليه قيمة الصياغة . فإذا كان عليه [ ص: 5815 ] قيمتهما دون الأصل وكان في القول الآخر أنهما مما يقضى فيهما بالمثل، فإذا فعل فيهما الحكم المأمور به على أحد الأقوال مضى ولم يلزم غيره، وقد قال ابن القاسم فيمن غصب خشبة فعملها مصراعين عليه قيمتها ولا يذهب عمله باطلا، فمنع من أخذ عينها لئلا يذهب عمله باطلا، فإن رضي صاحبها أن يدفع الأجرة كان له أخذها .

                                                                                                                                                                                        وقال عبد الملك في المبسوط: إذا عمل فيها عملا له بال من صنعة أو نقش زاد في ثمنها كان صاحبها بالخيار بين أن يعطيه قيمة عمله ويأخذها أو يسلمها ويأخذ قيمتها يوم الغصب، ويكونا شريكين فيها.

                                                                                                                                                                                        قال: وكذلك من غصب ذهبا فضربها دنانير إذا كان لصنعته بال، وإن كان عملا يسيرا في جميع ذلك كان للمغصوب منه، ولا شيء عليه في العمل وهذا أعدلهما.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية