الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن يطالبه مستحق قيمة ولد الأمة]

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يقوم الولد بماله؟ وإذا كان الأب فقيرا يرجع المستحق على الولد؟ وإذا مات الأب قبل أن يستحق الولد هل تؤخذ القيمة من تركته؟ فقال ابن القاسم في العتبية: يقوم الولد بغير مال ، وقال المخزومي: يقوم بماله والقياس على القول أن القيمة يوم الحكم أن يكون للمستحق مقال في المال، وإذا كان له فيه مقال كان من مقال الأب أن يقول: لا يقوم علي؛ لأنه يقدر على انتزاعه ولا يقوم عليه إلا ما يصح تسليمه كالولد نفسه إذا كان قائم [ ص: 5859 ] العين افتداه؛ لأنه لا يقدر على تسليمه، فإذا قتل وصار مالا سقط عنه الغرم وأخذت القيمة من الدية، وقد تقدم القول في القيمة أنها يوم ولد أحسن ولا ينظر إلى ما في يده الآن.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إذا كان الأب فقيرا والابن موسرا، غرم الابن قيمة نفسه ولم يرجع بها على الأب متى أيسر ، وقال غيره: لا شيء على الابن. والأول أصوب؛ لأن الولد هو المتعدي ، فإذا كان الأب فقيرا لم يبطل حق المستحق، ولو قيل: إن ذلك على الابن ابتداء في يسر الأب لكان وجها.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: إذا مات الأب ولم يدع مالا اتبع المستحق الولد بالقيمة .

                                                                                                                                                                                        وعلى قول غيره لا يكون على الابن شيء، والقياس ألا شيء على الأب ولو مات موسرا؛ لأن الافتداء إنما يجب على الأب إذا قيم عليه فيغرم قيمة الولد يوم الحكم، ولا يصح أن يموت الأب ثم يستحق الولد بعد عشر سنين ويقوم على حاله يوم استحق فتؤخذ تلك القيمة من تركته.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في أم الولد تجني ثم يموت السيد قبل أن يقام عليه، فقال ابن القاسم: لا شيء عليه إذا مات فقيرا ولا عليها، وقال غيره: إنما يكون ذلك عليه مع اليسر إذا قيم عليه قبل أن يموت وإلا فذلك عليها ولا شيء على السيد . وهذا هو الصحيح فيها وفي الأب. [ ص: 5860 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية