الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فى قسمة الأصول بالثمار الأرض بما فيها من الزرع

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة قال مالك: لا يقسم التمر مع النخل ولا الزرع مع الأرض، ولكن يقسم النخل والأرض ويترك التمر والزرع حتى يقسم بانفراده .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: واقتسام التمر والنخل على خمسة أوجه، فإما أن تكون الثمار غير مأبورة، أو مأبورة، أو بلحا صغيرا، أو كبيرا، أو زهوا.

                                                                                                                                                                                        فإن كانت غير مأبورة لم يجز القسم بحال عند ابن القاسم ؛ لأن إطلاق المقاسمة يتضمن دخولها في القسم وهي تئول إلى أن تصير طعاما ولا يجوز استثناؤها لتبقى لأربابها؛ لأن استثناء ما لم يؤبر في البيع لا يجوز.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت الثمرة مأبورة أو بلحا صغارا أو كبارا أو زهوا كان إطلاق المقاسمة على الجواز؛ لأن الثمار في جميع ذلك غير داخلة في المقاسمة، وباقية على الشركة فإن اشترطا دخولها في المقاسمة لم يجز؛ لأنها إن لم تكن الآن طعاما فهي تئول إلى أن تصير طعاما، فيدخله الطعام بالطعام ليس يدا بيد. [ ص: 5899 ]

                                                                                                                                                                                        قال ابن القاسم: لأن مالكا قال فيمن يبيع الحائط وفيه ثمر لم يؤبر بقمح نقدا أو إلى أجل: لا خير فيه ، فراعى ما يئول إليه وإن كان بلحا كبيرا أو زهوا دخله التفاضل والتأخير، وإن استثنى أحدهما لنفسه ثمرة ما يصير في نصيبه، ويبقى ما في نصيب الآخر على الشركة جاز.

                                                                                                                                                                                        وإن كانت إحدى الثمرتين مأبورة، والأخرى بلحا صغارا أو كبارا أو زهوا أو كانت إحداهما بلحا كبارا والأخرى زهوا- كان إطلاق المقاسمة على الجواز والثمار غير داخلة في المقاسمة، فإن اشترطا دخولها في القسمة لم يجز، وإن اشترطت إحداهما وبقيت الأخرى على الشركة جاز، وإن كانت إحداهما غير مأبورة والأخرى مأبورة كان إطلاق المقاسمة على الجواز، والتي لم تؤبر داخلة في القسم لمن هي في نخله والمأبورة باقية على الشركة، وإن استثنيا ما لم تؤبر ولم يدخلاها في القسم لم يجز، وإن اشترطت التي أبرت وأدخلت في المقاسمة لم يجز، وهذا كله مذهب ابن القاسم، وقد قيل في جميع هذه المقاسمات: إنها جائزة وهو أحسن إذا كانت الثمار لم تبلغ إلى أن يحرم فيها التفاضل كالزهو والبلح الكبير.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية