فصل [في ضمان الوديعة]
ومن المدونة قال فيمن ابن القاسم فلا ضمان عليه، وإن دفعها إلى زوجته أو خادمه لترفعها في بيته فلا ضمان، وهذا مما لا بد للناس منه، وقال أيضا: إذا كانتا اللتين ترفعان له فلا ضمان عليه . أودع وديعة فجعلها في بيته أو في صندوقه فضاعت:
وقال إن أشهب: وإن وضعها في بيته أو صندوقه أو غير ذلك من بيته أو بيت غيره ولم يأمنه عليها ويخلي بينه وبينها لم يضمن . [ ص: 5979 ] استودعها عبده أو خادمه أو أجيره ممن هو في عياله أو غير عياله ضمن،
قال الشيخ - رضي الله عنه -: إن وإن كان يخافهم ضمن إلا أن يقفل عليها، وإن كان عهد منهم الخيانة بعد القفل ضمن، وإن قفل، وإن شرط صاحبها أن يقفل عليها فلم يفعل ضمن، وإن لم يكن له أهل أو كانوا مأمونين. وضعها في بيته أو جعلها في صندوقه ولم يقفل عليها، وكان لا يتصرف له أحد، أو له أهل لا يخافهم عليها لم يضمن،
وقال محمد بن عبد الحكم: إذا قال: اجعلها في تابوتك ولا تقفل عليها، ففعل فسرقت ضمن; لأن السارق إذا رأى التابوت مقفلا كان أطمع، ولو قال له : اقفل عليها قفلا واحدا، فقفل عليها قفلين لم يضمن .
قال الشيخ - رضي الله عنه -: السارق يقصد التابوت وإن لم يكن عليه قفل; لأنه يعلم أنه مما يرفع فيه فلم يكن لزيادة الأطماع وجه كما لم يكن إذا قفل بقفلين.
قال: ولو قال له: ضمن، ولو قال له: اجعلها في سطل، فجعلها في قدر فخار لم يضمن . يريد: لأنه خالف إلى ما لا يقصد سرقته، والأول خالف إلى ما يقصد سرقته في نفسه وهو السطل، ولو قال له: اجعلها في هذا السطل، فجعلها في مثله لم يضمن، ولو لقيه في غير بيته فقال له: اجعلها في وسطك فجعلها في كمه أو جيبه ضمن. ولو قال له: اجعلها في قدر فخار، فجعلها في سطل لم يضمن. ولو اجعلها في كمك فجعلها في وسطه أو في عمامته ولو لم يشترط حيث يجعلها فجعلها في كمه أو في عمامته لم يضمن. وفي جعلها في الجيب نظر. قال: اجعلها في [ ص: 5980 ] عمامتك فجعلها في وسطه لم يضمن.
وقال في العتبية: إن ابن وهب لم يضمن . يريد: إذا جعلها هناك بحضرته أو بعد أن غاب وكانت الوديعة ثيابا أو دراهم كثيرة مما الشأن ألا يجعل في كمه إلا عند القيام، وإن كانت صرة دنانير ضمن; لأنه فرط، ولو أخذ نعله فنثرها ناسيا ضمن. دفعت إليه وهو في المسجد أو في مجلس فجعلها على نعله فذهبت
ويختلف إذا قام ونسيها، فقال يضمن ، ويجري فيها قول آخر ألا ضمان عليه قياسا على المودع مائة دينار فيدعيها رجلان وينسى أيهما أودعه، أو اشترى ثوبين من رجلين بالخيار فاختلطا ولم يدر لمن الجيد منهما، فاختلف هل يضمن لهما أو لا يكون عليه شيء؟ وأن يعذر بالنسيان أبين; لأنه لا يعد بالنسيان مفرطا. ابن حبيب:
وقال فيمن ابن الماجشون هو ضامن، وهذا أصوب; لأن هذا أخطأ بفعل والأول بنسيان بغير فعل، وكذلك الذي نسي فنثرها من نعله ضمن بالفعل ليس بمجرد النسيان. أودع وديعة فأراد أن يأخذ ماله فأخطأ فأخذ الوديعة: