[ ص: 5981 ] فصل
ومن إلا أن تكون هناك عادة أو عذر خوف عورة بيته أو سفر، فأما الزوجة فلا بأس أن يدفعها إليها لترفعها أو لتكون وديعة عندها، وهذا الشأن ألا يصون الرجل ماله عن زوجته إلا أن يعلم منها خيانة إلا أنه لا يرفع نظره وتفقده، وكذلك أم ولده إذا علم منها الأمانة. أودع وديعة فقد جعل النظر فيها إليه، فإن أخرجها عن نظره إلى نظر غيره ضمن
وقال ابن القاسم: . وقال إذا دفعها إلى خادمه لترفعها له لم يضمن أشهب: ضمن وليس دفع ذلك إلى خادمه أو أجيره الذي علم منه الأمانة والخير ليبلغاها البيت أو تكون في البيت فيقول لهما اجعلاها: في المخزن أو في التابوت مما يضمن به. إن أودعها خادمه
وإذا وإن كان ذلك الخوف متقدما قبل الإيداع والمودع عالما لم يكن له أن يودعها، فإن فعل ضمن وإن كان صاحبها غير عالم ضمنها، وسواء ضاعت عنده أو عند غيره إلا أن يكون ضياعها عنده لم يكن من السبب الذي يخاف منه، وقد يحمل قول خاف المودع عورة منزله أو جار سوء، وكان ذلك أمرا حدث بعد الإيداع جاز له أن يودعها ولا ضمان عليه، في قوله "يودعها إذا خاف عورة بيته" أن الوديعة ثياب أو عروض، ولو كانت دنانير وما أشبه ذلك مما يكنز في الأرض، ولا يخاف ممن يخاف منه أن يضطره [ ص: 5982 ] لإخراجها لم يكن له أن يودعها، وإن حدث له سفر جاز أن يودعها، فإذا ثبت الإيداع والوجه الذي أوجب ذلك وهو خوف موضعه أو السفر برئ المودع. ابن القاسم
قال ويصدق أنه أودعها زوجته وأنه أودعها لهذه الوجوه وإن لم تقم بينة، ولا يصدق أنه خاف موضعه أو أراد سفرا فأودعها لذلك. ابن القاسم:
وقال فيمن اكترى دابة فلما قدم قال: أودعتها؛ لأنها وقفت علي- فإنه يصدق. مالك
وعلى هذا يصدق في الوديعة أنه أودعها لخوف موضعه أو لأنه سافر إذا خفي أمره ولم يعلم هل سافر أم لا، وهو في الوديعة أبين; لأنه لا يتهم أحد أن يخرج الوديعة لنفسه عن يده لغير عذر.
ومحمل قول أنه يصدق إذا ثبت الخوف والسفر في الإيداع على أن المودع يصدقه في قبضها، ويقول: إنها ضاعت، فأما إن كذبه وقال: لم يدفع إلي شيئا، لم يصدق على أصله في كل من أمر أن يدفع إلى غير اليد التي دفعت إليه إلا ببينة. ابن القاسم
وقول يصدق. وبه أرى أن يقضى اليوم; لأن الشأن دفع الودائع من غير بينة. عبد الملك:
ولو أراد من كان بيده وديعة أو بضاعة أو قراض أن يدفعه إلى من يبلغه لصاحبه ويشهد عليه لم يقبل منه أحد. وأما الزوجة فلا خلف أنه ليس عليه أن يشهد عليها. [ ص: 5983 ]
ومن وقال أودع وديعة وهو في سفر لم يجز له أن يودعها. ابن القاسم إلا أن يضطره لصوص فيسلمها لمن يرجو نجاته بها فلا يضمن . وأشهب:
ومحمل ذلك على أن الذي تسلم إليه لا يخشى خيانته فيها ولو طرحها عنه عندما غشيه لصوص، ثم لم يجدها لم يضمن، فإذا كان الإيداع في الإقامة فأودعها عند حدوث السفر ثم عاد من سفره، فإن كان سفره ليعود كان عليه أن يأخذها ويحفظها; لأنه التزم حفظها حتى يأتي صاحبها فلا يسقط عنه إلا القدر الذي سافره. وإن كان سفره على وجه الانتقال، ثم عاد كان له أن يأخذها وليس ذلك بواجب عليه.
وقال في ولو كان في قرية ولم يجد ثقة يضعها عنده أو خشي عليها إن تركها فخرج بها لم يضمن. المودع ينتقل بالوديعة: إنه ضامن،
وقال إنه ضامن . فيمن حضرته الوفاة فأودع ماله فخرج به المودع ليدفعه لورثته فضاع:
وقال في كتاب أصبغ للقاضي أن يدفعه لورثته إن كان بلدهم بعيدا ولا يبعثها إن كان قريبا، فإن فعل لم يضمن، قال : بخلاف ابن حبيب: فإنه ضامن، وأجاز ذلك للقاضي; لأن الغالب من الورثة الرغبة في وصول المال إليهم. [ ص: 5984 ] الوصي عليها يبعث بها فتضيع
وقال في كتاب الوصايا الأول من كتاب مالك محمد فيمن مات في السفر وترك دنانير أو متاعا، فيريد أوصياؤه أن يتسلفوا الدنانير حتى يردوها إلى الورثة: فأما البز والمتاع فيباع; لأن له مؤنة وحمله من هناك يشق. يريد: إن مات في غير بلده فكان حمله ونقله ضرورة، وقال في المبضع معه يمر بالبلدة فتحدث له الإقامة: لا بأس أن يبعث بها إلى من بعثه إليه ولم يلزمه التمادي بها ; لأنه لم يكن القصد من حاملها التمادي بها خاصة، وأجاز له أن يبعثها; لأن ذلك كان غرض صاحبها، وقد كان الصواب أن يرفع الأمر إلى قاضي الموضع كما قال فيكون هو الناظر فيمن يبعث بها معه، وكذلك المودع يحدث له سفر ويخاف عورة منزله، والوصي يحدث له سفر- أجيز لهم أن يقيموا لها من رأوه من غير مطالعة حاكم. والصواب أن يكون الحاكم الناظر لأربابها، وقد يكون استخف ذلك لفساد القضاة. أصبغ
قال محمد في أن الأمر فيمن يكون مقامه للسلطان، وهذا القول يمضي على الخلاف المتقدم في جميع هذه المسائل; لأن بيع العبد والسفر به بمنزلة سفر الوصي الحر لا فرق بينهما. العبد يكون وصيا على أيتام فيبيعه سيده، أو يريد السفر:
وعلى قول يكون للعبد أن يقيم من رآه مكانه من غير مطالعة حاكم. [ ص: 5985 ] مالك